نجل الدين ادم : الإعدام لحمار قتل رجلاً!!
توقفت كثيراً عند تفاصيل ذلك الخبر الغريب الذي أورده الزميل النشط “محمد أزهري” في عدد الصحيفة يوم (الجمعة) الماضي بأن الشرطة عثرت على قتيل بمنطقة الباوقة بولاية نهر النيل، وقيدت البلاغ تحت مادة القتل العمد في ظروف غامضة، وفعلاً كانت غامضة عندما تشربكت الخيوط مع بعضها البعض وتعقدت القضية لتبدأ في التفكك ويتكشف أصل الحكاية ليتضح أن مرتكب جريمة القتل ليس إنساناً، بل هو حمار مملوك لأحد سكان المنطقة!
القصة على غرابتها والجثة ملاقاة والأهالي يبحثون عن ابنهم الضائع، تفلح الشرطة في الوصول إلى المكان ويشيع الخبر في المنطقة بأنه وجد قتيل في المكان الكذا، وهذه المعلومة تحرك الحس الأمني لصاحب الحمار ليقوم بربط تفاصيل الحادثة مع بعضها بعد أن علم أن مكان مربط حماره في ذلك اليوم هو ذات المكان الذي وجدت فيه جثة القتيل، وأن حادثة مماثلة نجا منها شخص آخر بعد أن حاول الحمار الهائج الاعتداء عليه، ليتحرك الرجل على الفور إلى قسم الشرطة ويسجل اتهاماً ضد حماره وأنه يشك في أنه المتهم الحقيقي في حادثة القتل، لتقوم الشرطة بالحجز على المتهم الغريب وتجري تحليلاتها وتبحث في فك الحمار لتجد آثاراً من جسد القتيل، بجانب اكتشاف بعض الدماء.
في قصة هذه الحادثة توقفت عند بعض الأسئلة حول المسؤولية الجنائية، وهل يطال القانون هذا الحمار على فعلته ويوقع عليه عقوبة الإعدام أم يبرئه بإثبات الاضطرابات النفسية والهيجان والرفس؟!.. أم أن المسؤولية ستطال مالك الحمار، وكيف سيأخذ القانون مجراه في ظل هذه التعقيدات، بجانب أسئلة كثيرة تفجرت.
هذه القضية وبما حملته من تفاصيل، أتوقع أن تكون وضعت أهل القانون في حيرة من أمرهم.
أشرت إلى هذه الحادثة لما تحمل من وجه جديد في العمل الجنائي والقانوني، وأنها ربما تكون سابقة جديرة بأن يقف عندها كل أهل القانون والشرطة والأمن.
أذكر أنه في حادثة اغتصاب ومقتل الطفلة “مرام” الشهيرة والتي هزت الرأي العام السوداني، ووقف القضاء عند مضامينها كسابقة أولى، لم يجد بين سطور القوانين السودانية ما يعاقب على اغتصاب الأطفال، ولم يجدوا غير إيقاع عقوبة القتل على المغتصب تحت طائلة المادة (130) من القانون الجنائي، فلو لم يكن مصير تلك الطفلة الموت لما أفلت الجاني من عقوبة الإعدام، الأمر جعل مسيرة من النقاش التشريعي تبدأ بعد تلك الحادثة لوضع قانون يتعلق بهذه الجرائم، فكان القانون الساري اليوم.
أتمنى أن تجد هذه القضية اهتماماً كبيراً من أجهزة الدولة وكليات القانون الجامعية لما تضمنته من غرائب لدرجة أن الخبر وجد رواجاً منقطع النظير في الوكالات الأجنبية، والله المستعان.