مقالات متنوعة

عبد الله الشيخ : على هامش اعترافات (الكودة)

الإصلاح – أي إصلاح- يحتاج أن يؤطّر في برنامج، لأن الرأي قبل شجاعة الشجعان..الرأي، الموقف، أو الفكرة، هو ما تخشاه الحكومات القابضة، ولكننا- من باب الإنصاف –يجب ألّا نتهم الحكومة بمناسبة وبدون مناسبة، أنّها أول وآخر من يبغض الآخر.. فهؤلاء (الصّحابة)، الذين يحكموننا، لا يختلفون كثيراً عن حكم الختمية والأنصار وبقية الطوائف…لا يختلفون كثيراً، فقد جربناهم ..بِيدَ أن هؤلاء الصّحابة، وبقية ملوك الطوائف السياسية، يجنحون إلى أن يكون الحال، كما هو الآن، لأن الغالبية العُظمى من السودانيين تريد ذلك.. كلّنا يتحدّث عن التغيير، ولكنه تغيير فوقي، يستهدف تغيير الطاقِم المُسيطِر، وهذا أيضاً جرّبناه بعد أكتوبر وأبريل، وليس من الحِكمة دعوة السودانيين إلى تجريب المُجرّب للمرّة الثالثة.. إن الحديث عن إسقاط النظام دون برنامج بديل، ودون رجال شجعان يسبرون غور القضايا السودانية الشائكة، هو بمثابة وضع العربة أمام الحِصان.. أول القضايا التي ينبغي على روّاد التغيير حسمها هي قضية الدِّين.. الدِّين، الدّين، الدّين.. ماذا نريد من هذا الينبوع..؟ هؤلاء (الصّحابة)، ومن قبلهم الجهادية، كانت الشريعة أو كان الدّين، هو (مشروعهم ).. فلنتساءل لدى غالبية السودانيين (الزُّرق) عمّا إذا كانوا يقبلون بدائل لهذا المشروع ..!
هذا هو سؤال التغيير الجِّدي ..هناك مظاهر من استجابة لهذا السؤال، عبّر عنها الشعب السوداني، من خلال رفضه التام، لخطّة الأخوان في (إعادة صياغة المجتمع السوداني) حتى يتماثل الوعي الجمعي، أو يتطابق مع فكرة الإسلام السياسي.. هذه الخطة (طرشقت)، وهُزِمت بفضل الديمقراطية الشعبية، التي يمتاز بها مجتمعنا..هذه الديمقراطية الشعبية، أسلمت المتنطعين – الإسلامويون –الى الإعتذاز .. وفي هذا الصدد، سمعنا علي عثمان يقول في نهاية حِقبته، أن (شعار الإسلام هو الحل، لم يعُد صالِحاً)، وفي سياق الإعترافات الصريحة، قال (الكودة) مؤخراً، أنّه غُرِّرَ به، فكان ضحية التضليل والفهم الخاطئ، وسوء المقاصد.. وكل ما أصبح صباح، قد يخرج أحد الأُخوان ويقول مثل هذا الكلام، فيبرُد بمثل ذلك حشا المعارضة، التي لا تمتلك برنامجاً بديلاً..!
طيِّب، وبعدين..!؟ هل يتوقف مستقبل السودان، على مجاراة اعتراف من يعترف، أو الانسياق وراء مزايدات المزايدين بالدّين، أم أن ما تعوّدنا عليه هو صفع وجه حكومة الاخوان، هؤلاء- الأشقياء الأذكياء- الذين (هابشوا) مجتمع السودان في أعزَّ عزيزٍ لديه وهو الدّين، فحكموه بقشوره لأكثر من ربع قرن، ولا يلوح في الأفق ما يشير إلى أنّهم سيتوقفون عن المتاجرة بماء النبع..!هل روّاد التغيير، على استعداد لـ (مُهابشة) مجتمع السودان في موضوع الدَّين، لا بالدعوة الى إقصائه من الحياة العامة، بل بطرح فهم جديد..؟ هذا هو سؤال التغيير الجِّدي.. مجتمعنا يشتهي التغيير، فهل تمتلك المعارضة الجُرأة الكافية لتصحيح المسار..؟
الغالبية العظمى تحلم بالتغيير، وتعلم أن الشريعة التي لم تُطبَّق، قد كانت المسوغ الذي وقع بموجبه الاخوان، على فرمان الانفصال ..الآن، الآن، إذا حادثت الحاشدين في المساجِد، بأن الإنفصال الكارثة، قد وقع بأكذوبة أُخوانية، فإن الحاشدين، سيلقون جام غضيهم عليك، لا على التنظيم الذي يقترف كل إثم، بأداة المُضاربة التي ليس بعدها مُضاربة.. هذه الحكومة يُمكن أن تسقُط بدعوات من أصبح الكفاف بعضاً من أحلامهم.. ولكن، حتى يأتي زمان السعادة ذاك، ستظل الإنقاذ قائمة، بناءاً على (إفتراءات راسخة)..! من يريد التغيير الحقيقي، عليه أن يُعالجها، وإلا فإن هذه (القِصّة ح تطول).. واللّا أنا غلطان..؟