تحقيقات وتقارير

كفيفات يتحدين الصعاب في السودان

“الحاجة أم الاختراع”، عبارة جسدتها إحدى الكفيفات في ضاحية كافوري شرق العاصمة السودانية الخرطوم، باقتطاع جزء من منزلها ليكون مركزا لتدريب ذوات الإعاقة البصرية على مواجهة ظروف الحياة.

وخصصت صاحبة المبادرة آسيا الحاج الجزء الأكبر من منزلها المتواضع لتشييد مظلة بمساعدة خيرين، لتصبح مركزا متخصصا في تدريب الكفيفات أطلقت عليه اسم “مركز الزهراء لتنمية قدرات المرأة المنتجة”.

وجاءت فكرة المركز -بحسب آسيا- بسبب ما عانته هي والإحساس بحاجة الكفيفات الأخريات للتدرب على مهن تقيهن شر الحاجة والسؤال، خاصة مع ازدياد أعداد المعاقات بصريا في السودان.

وتقول للجزيرة نت إن “المشروع الذي انطلق في 2014 بعشر دارسات، ارتفع الآن لأكثر من خمسين دارسة يتعلمن كثيرا من المهن، لكن بعضهن يواجهن صعوبة في سبيل الوصول إلى المركز”.

وتتدرب الدراسات على الأعمال اليدوية كالمشغولات المصنوعة من السعف والخرز والإكسسوارات، إلى جانب صناعة العطور السودانية المحلية والخبز والمعجنات.

خطط مستقبلية
ورغم ما يعانيه المركز من ضيق ذات اليد، فإن صاحبته تؤكد أن لديها خطة مستقبلية تهدف إلى تمليك المستفيدات مشاريع إنتاجية، ومساعدة اليتامى والأرامل، وتسهيل الزواج للشباب، فضلا عن مساعدة المقبلات على الولادة من الكفيفات.

وترى آسيا -التي قالت إن لديها أربع شقيقات كفيفات أيضاً تزوجن جميعا- أن “استكمال المظلة حيث يدرسن وتوفير أداة لترحيل الدارسات وإيجاد مقر دائم للتدريب، هو الهدف الآني الذي نسعى له”.

أما حواء جمعة التي تعاني من إعاقة بصرية، فتقول إنها أكملت مراحل تدريبها وأصبحت الآن منتجة، حيث باتت تجيد الأعمال اليدوية وتصنيع المخبوزات والمعجنات.

وتضيف للجزيرة نت في البداية كنت أحمل منتجاتي للسوق من أجل بيعها، ولكن أصبح الزبائن يأتون الآن إلى منزلي لشراء احتياجاتهم.

وتابعت حواء “كنت متزوجة من كفيف توفي دون أن يترك لأسرته شيئا، فصرت أجتهد لتربية الأبناء والعمل على الإيفاء بقيمة إيجار المنزل الذي نقيم فيه”، داعية إلى توفير أدوات التدريب لكافة المعاقين بصريا في السودان حتى يساهموا في بناء مستقبلهم بأنفسهم.

مشقة كبيرة
أما فاطمة التي دخلت المركز وهي تحمل طفلا رضيعا، فأشارت إلى ما تواجهه من مشقة كبيرة في الوصول إلى المركز أو مغادرته وقت حصة التدريب، وطالبت بتوفير فرص عمل حقيقية للكفيفات المتدربات دون التقليل من شأن ما يقمن به من أعمال.

بدوره يشير الأمين العام لاتحاد المكفوفين نور الدائم إبراهيم إلى نجاح تجربة مركز الزهراء، داعيا الجهات المعنية لإيجاد مقر دائم للمركز حتى يؤدي دوره بالشكل المطلوب.

وعلى الرغم من تأكيد إبراهيم عدم وجود إحصاءات دقيقة بعدد المكفوفين في السودان، تشير إحصاءات رسمية إلى أن عددهم قد وصل لنحو 225 ألف مواطن.

لكن إبراهيم قدر أعدادهم -في تعليقه للجزيرة نت- بأكثر من ثلاثة ملايين كفيف في عموم السودان، ولا يوجد سوى ثلاثة مراكز فقط تعنى بتأهيلهم وتعليمهم في البلاد.

أما أستاذ علم الاجتماع عبد الرحيم بلال، فيرى أن عدم توفر إحصاءات دقيقة بأعداد المكفوفين في البلاد دليلا على إهمال هذه الشريحة من قبل الدولة، رغم ما يمتلكون من قدرات يمكن الاستفادة منها.

ويضيف للجزيرة نت أن التشريعات والقوانين التي تكفل حقوق المكفوفين غير كافية في ظل الاهتمام الدولي المتزايد بهذه الشريحة.

عماد عبد الهادي-الخرطوم
المصدر : الجزيرة