أ.د. معز عمر بخيت

وتشرق في عينيك شمس الوطن

شادته كف النائبات
وشدّهُ سهم العناء
ونظرت في أفق الهوى
فرأيت وجهك يمتطي ظهر البراق
يطل من فوق السماء
فخرجت من كل القواقع
شارعاً للريح صدري
فاتحاً نبض احتقاني للمدى
والبدر يطرق باب بيتي
والدجى خلف النجيمات
استكان على الفضاء
يا أيها الموعود بالأمطار
تصهل عند شرفتك الندية
خير هاتيك الخيول المشرقية
والسيوف تعود تدخل كربلاء
كيف التقيتك
سارعي لي بالملاذ
وغطّني بالشمس يا عمق الضياء
فلقد عرفتك ذات يوم دون اذن
من تجاويف الفؤاد
ستدخلين إلى الدماء
وعلمت انك ها هنا
قديسة مولودة
وعليك أسرار النهايات
المليئة بالعوالم والقطوف الدانيات
على جبينك ينتهي رحل الليالي
ثم ينتحر البكاء
عذراً
سأفتح باب دنياي الجديدة
للرياح المغربية
سوف استلقي عليك فتلهمي
فيّ الشعارات
اجتررت عذاب أمس
مات قبلك في العراء
لو أن لي ماضٍ يعود
لبعت في ذاك الضحى
تاريخ وجعي
كل ثانية بدونك قد مضت
أو قد تداعت فوق أنفاس المساء
وإذا التقيتك جف دمعي وامحي
وجرى أمامي نهر دجلة
والفرات أمام بيتي
والجداول من وريد النيل تسقي أضلعي
فأهيم وجداً وانتشاء
هذي عيون حبيبتي
ملأى بأقواس الحنين
وبالمودة والصفاء
باللؤلؤ القمري بالأرض التي
للشمس تنبت كل يوم سنبلة
كل البيوت النائمات على الطريق
بلا انتهاء
في انتظار الحلم أن يدنو
ليغسل كل أوجاع الهموم المقبلة
وعلى هدى في ذات يوم قد لقيتك
والحروف على تواليف التقائي بالقصائد
تكتسي لوناً أنيق
ففتحت للشمس الجديدة باب بيتي
في الصباح
غسلت وجهي بالندى
ومشيت ذيّاك الطريق
يا بحر إن رفضت مياهك شاطئ
فعلى رصيفي ماء وجهك قد أريق
يا بحر أنت بداخلي طفل رقيق
ثم التقينا والسنا متربص
والنهر يمضي في ارتخاء
صوب معياد القدوم
حتى رأيتك بين حسِّي نخلة
ممشوقة تتطلعين إلى النجوم
فلأي مجد يا خطوط التوق
كنت تسافرين
وتطلعين إلى الوجوه صبية مكحولة
بشذى الجسارة
بالمواقف والثبات
واراك دوماً فوق دنيا
من طواحين الحريق فراشة
تعلو على لهب الطغاة
وتغازلين البحر في عينيَّ
حين أعود بالجرح الذي
لا يستفيق من النضال
بالضوء بالصحو المقدس
والسحاب على جناح الموج
يهمس للقناديل التي زمناً تدلت
تحت أسياف القتال
يا أيها المولود في جنب القبيلة حائراً
كالظل في وطني
وحيداً
كالمسافة في بلادي
شاحباً
كالطيف في زمن الفجيعة
هكذا ألقاك يا لحن الأسى
حجراً يفتت كل أركان الخيال
قد كنت لي وطناً جديداً
كنت لي بيتاً وريقاً واحتفال
قد كنت لي لما تهاوت في الزمان
دعائم الوطن الممزق بالعراك..
قد كنت لي والشمس تأخذ في الأفول
جزيرة مأهولة بالضوء
يحرس باب شاطئها ملاك
فتعالِ في قلب المشيئة كي أراك
مسدولة من كل خاطرة
تدور على بيوت الشعر
تشرب من هواك
فلديك قربان المعابد لم يزل
تفديه دعوات الحجيج
والقادمون مع الضياع
من المحيط إلى الخليج
ولكل خصالات تدلت
للضفائر
للعناقيد التي في بيتنا العربي
للمطر البهيج
كانت جراحي
تلتقي بك في طريق الحق
ترسم شارة الايذان
تغلق باب حزني
والصدام محمل بالبندقية
بالنبال وبالحديد
قد كنت للبابا سلاماً
للسماوات النشيد
قد كنت (للروم ) الأباطرة الأُلى
ولحصن طروادا
حصاراً من جديد
وبقيت للاغريق آلهة الاولمب
وصرت للقطبين دفئاً سابحاً
فوق الجليد
قد كنت للعرش المفدى تاج كسرى
كنت للأتراك قصراً شاده عبد الحميد
ولقد رأيتك عند خط الاستواء
أميرة زنجية
وعلى يمينك صولجان
في يسارك ينجلي قمر وليد
لدم العروبة كنت نبض الكبرياء
وللكفاح خلوده
ولكل مقصلة شهيد
قد كنت صحواً للغلابا
كنت فجراً زاهياً في يوم عيد
لما استقيت بساحل البسفور
من فوديك آه تساقطي
مطراً يرخ على صحارى المتعبين
لله درك ياحبيبتي التي
شادت قصور حضارتي
بالحب أزكت للبرية سندسا
يروي بأكواب الحنين
فالحب في وطني سيبقى مشعلاً
وهجاً يضيء على دروب العاشقين
والحب دوماً سوف يبقى للجمال صحيفة
وردية
تنمو على جسر أمين
والحب في وطني
سيبقى ما يشاء
وما نشاء
وما تشاء لنا السنين