احمد طه الصديق : اختفاء شركة
> قبل أكثر من عقدين من الزمان، ظهرت شركة في مصر لتوظيف الأموال، وقامت بحملة كبرى أقنعت عدداً من المغتربين بشراء صكوك بغرض المضاربة بها، وبالفعل أوفت الشركة وأعطت الكثير من المضاربين أرباحاً دولارية مجزية جداً الأمر الذي أغرى الكثيرين لدق أبواب الشركة والمغامرة بتحويشة العمر، وعندما استطاعت الشركة جمع مبالغ كبيرة بالعملات الأجنبية اختفى صاحبها في رمشة عين وخرج من بوابة مطار القاهرة ليفجر أزمة غضب في الشارع المصري وردود فعل كبيرة من الإعلام آنذاك، وفي السودان، هناك شركات صغيرة احتالت على بعض المواطنين وهرب أصحابها، لكن الغريب أن تختفي شركة كبرى وعريقة تعمل في مجال من أهم موارد البلاد الاقتصادية مثل شركة الصمغ العربي، وذلك بحسب إفادة وزير الدولة للثروة الحيوانية جعفر أحمد عبد الله، الذي قال أمام البرلمان إنها اختفت في ظروف غامضة ولم يعرف مكانها، مشيراً إلى تهريب كميات كبيرة من الصمغ العربي عبر الحدود الغربية. > بيد أنه لم يعرف أن شركة الصمغ العربي احتالت على أحد، الأمر الذي يثير الحيرة في حادث الاختفاء، ولعل السؤال هو: هل ما قاله وزير الثروة الحيوانية يتفق معه وزير التجارة والغرفة التجارية واتحاد أصحاب العمل، بأن الشركة العريقة قد اختفت ولم يعد لها عنوان «فص ملح وداب» قبل أن تتم تصفيتها، ثم السؤال: هل نال العاملون فيها مستحقاتهم كاملة أم مازالوا مثل وزارة الثروة الحيوانية يبحثون عن مكانها وعنوانها. وكنا كتبنا أكثر من مرة عن المشكلات والإخفاقات التي مرت بها الشركة، حيث ذكرنا في آخر مقال لنا أن مفوض شركة الصمغ العربي إبراهيم حسن، كشف أمام محكمة حماية المال العام، العام الماضي، عن تفاصيل ملف فساد شركة الصمغ أو ما يعرف بلجنة بروفيسور محمد إبراهيم خليل. وقال عند مثوله أمام القاضي د. صلاح الدين عبد الحكيم، إنه كلف بتحصيل الملفات بصفته عضواً بمجلس إدارة الشركة الجديد، وذلك في أواخر العام 2010م، وأن المجلس كشف عن ملفات فساد بجانب قرار صادر من رئيس مجلس الإدارة السابق د. منصور خالد بتكوين لجنة تحقيق لممارسات تمت وأضرت بشركة الصمغ من بينها معاملات مع شركة نيفاشا وشركة رشيد كير. > وبالطبع لم يكن الحال الذي وصلت إليه شركة الصمغ العربي مفاجئاً، فقد بدأت منذ حوالي عقد من الزمان وكانت نقابة العاملين في شركة الصمغ العربي أصدرت بياناً عن تردي الأوضاع بالشركة في العام 2009 وأشارت إلى أن التدهور قد بدأ منذ العام 2004 وان الشركة بدأت تسير من سيئ إلى أسوأ وأنها غارقة في الديون. وقال البيان إنه عندما انعقدت الجمعية العمومية في السادس من مايو 2008 وتم انتخاب مجلس إدارة وتعيين إدارة جديدة، سرى تفاؤل بأن الشركة ستعود سيرتها الأولى، لكن ذلك تبخر وأصبح سراباً، وعزا البيان ذلك إلى حدوث انقسامات داخل المجلس الجديد، واستمرار غياب رئيس المجلس واستقالة المدير العام كل ذلك أدى بحسب البيان، إلى فراغ وظل المنصب شاغراً. > ويشير التقرير إلى أن العاملين يئنون ويعيشون في ظروف صعبة ويفتقدون أبسط حقوقهم وهي المرتبات. > ذلك أبرز ما جاء في بيان النقابة آنذاك قبل سنوات قليلة. والمعروف أن شركة الصمغ العربي كانت في السابق تسجل أرباحاً مقدرة توزع على المساهمين. > وكنا قد ختمنا مقالنا الأخير بالتساؤل الآتي «إذا استمر الأمر على هذا المنوال ربما تدق الأجراس على كل ممتلكات الشركة»، وقلنا «طبعاً ناس أبو الملافح جاهزين للشراء». لكن نقول «إن ناس الملافح ذاتو حيلقوا الشركة وين عشان يشتروها بعد الحصل» طبعاً هذا إذا تأكدت حكاية اختفاء الشركة في ظروف غامضة تماماً، كما يختفي بعض المرضى النفسانيين ولا يبقى لذويهم غير نشر إعلان عنوانه «خرج ولم يعد».