حكومة جوبا الجديدة.. وجوه مألوفة ومخاوف عديدة
يخشى المتابعون للوضع العام بجنوب السودان من أن تؤدي المناكفات السياسية بين أطراف الحكومة الانتقالية الوليدة إلى خلق توتر سياسي جديد في البلاد، خاصة إذا افتقد أعضاء الحكومة المكونة من أربع مجموعات المرونة المطلوبة لتنفيذ اتفاق السلام.
تبدي عدة أطراف في جنوب السودان تحفظات عديدة على قائمة الحكومة الانتقالية التي أعلنها رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت كجزء من استحقاق اتفاق السلام الذي أنهى حربا في البلاد امتدت لنحو 22 شهرا.
وبعد معارك دامية بين القوات الموالية للرئيس سلفاكير ميارديت وقوات الحركة الشعبية التابعة لخصمه ونائبه في الرئاسة رياك مشار عاد الأخير إلى جوبا قبل أيام لتطوى صفحة من النزاع وتشكيل حكومة انتقالية.
ويخشى المتابعون للوضع العام بالبلاد من أن تؤدي المناكفات السياسية في تشكيلة الحكومة إلى خلق توتر سياسي جديد في البلاد إذا افتقد أعضاء الحكومة المكونة من أربع مجموعات المرونة المطلوبة لتنفيذ اتفاق السلام.
تنفيذ الاتفاق
وفي أغسطس/آب من العام الماضي وقع كل من سلفاكير ومشار على اتفاق للسلام ينهي الحرب الأهلية في البلاد بعد ضغوطات إقليمية ودولية.
وبموجب الاتفاق، فإن نحو 16 من الوزارات ستذهب لصالح الحكومة السابقة، وعشر وزارات للمعارضة المسلحة، وأربع حقائب وزارية لصالح مجموعة المعتقلين السياسيين السابقين وتحالف الأحزاب السياسية الأخرى المعارضة التي يقودها لام أكول.
وقضى التشكيل الوزاري بتعيين دينق ألور -المنحدر من منطقة أبيي المتنازع عليها بين جوبا والخرطوم- وزيرا للخارجية، بينما عين لام أكول -الذي كان وزيرا للخارجية في السودان قبل الاستقلال- وزيرا للزراعة، وتقلد قياديون سابقون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ثلاث حقائب وزارية، هم رياك قاي كوك وزيرا للصحة -من جانب حكومة سلفاكير- وضيو مطوك وزيرا للكهرباء والسدود، وداك دوب بيشوب وزيرا للبترول، وهما من جانب المعارضة المسلحة.
ورهن مبيور جون قرنق -ابن مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل جون قرنق- الذي يشغل منصب وزير الري والموارد المائية، بالإضافة إلى أنه المتحدث الرسمي باسم المعارضة المسلحة التي يقودها رياك مشار نجاح الحكومة الانتقالية في البلاد بمدى المرونة في التعامل بين وزراء الحكومة.
وأشار مبيور في حديثة للجزيرة نت إلى أن هذه الحكومة لا تحمل أي برنامج سياسي آخر، سواء تنفيذ اتفاقية السلام ومعالجة آثار الحرب وتحقيق المصالحة لرتق النسيج الاجتماعي المنقسم في البلاد، وأكد أن تنفيذ اتفاق السلام وحده هو الذي يمثل ضمانة كافية من أجل تجنب انهيارها.
المعارض الوحيد
وينص اتفاق السلام على أن مهمة الحكومة الانتقالية في جنوب السودان هي تهيئة الأوضاع من أجل إقامة انتخابات حرة ونزيهة بحلول العام 2018، بالإضافة إلى العمل لضمان صياغة دستور دائم في البلاد، وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي.
وأعلنت أغلب القوى السياسية في البلاد ترحيبها بإعلان قائمة الحكومة الانتقالية، إلا أن حزب الشعب الليبرالي أعلن معارضته لها، معتبرا أنها لن تعمل سوى على إعادة أزمات الفساد واستغلال المال العام بالإضافة إلى خلق توتر سياسي دائم في البلاد خلال الفترة الانتقالية.
وقال رئيس الحزب بيتر ميان في تصريح للجزيرة نت إن حزبه يعلن نفسه المعارض الوحيد للحكومة الانتقالية التي يرى أن وزراءها من ذات الوجوه التي ارتبطت أسماؤها بالفساد وعدم تقديم الخدمات.
ورغم الترحيب العام بالحكومة الجديدة يخشى مراقبون دوليون وإقليميون ومنظمات دولية من انهيار اتفاق السلام بسبب فقدان الثقة وغياب الإرادة السياسية في تنفيذ هذا الاتفاق الذي أبدت الحكومة والمعارضة المسلحة تحفظات عديدة عليه.
ويرى المحلل السياسي مايكل الصفحي أن تركز الصراع من أجل السلطة داخل حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان دفع تياراته التي انقسمت نهاية العام 2013 إلى إتاحة الفرصة لأنصار حزب المؤتمر الوطني السابقين للظهور بقوة في التشكيل الوزاري الحالي بسبب تزايد مساحات الاستقطاب لتلك التيارات التي تعمل من أجل تحقيق نجاحات ومكاسب سياسية في جنوب السودان.
وأشار الصفحي في حديثه للجزيرة نت إلى أن تلك القيادات قد ظهرت نتيجة تبني أطراف الحركة الشعبية المنقسمة إلى ثلاث مجموعات معايير مرحلية في استقطاب القيادات السياسية في البلاد، وهو أمر جعل الأطراف الرئيسية -الحكومة والمعارضة المسلحة- تستعين بالقيادات السابقة للحزب الحاكم في السودان حاليا.
مثيانق شريلو–جوبا
موقع الجزيرة
ميشو ده متوجس خيفة وما مطمئن للدينكاوي سفا كير أبو المقالب