خليك حنين يا ويو
* في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات كان فريق الموردة يمثل قوة كروية هائلة، وكانت رابطة مشجعي الموردة بقيادة (القرقور) المبدع محمد حامد الجزولي في أوج وهجها، تشجع بطريقة جميلة، وتترنم بأجمل الأناشيد التي تحمس نجوم (الهلب)، وتدفعهم إلى الإجادة، قبل أن يجور الزمان على البارجة الفخيمة، وتسقط في مجاهل النسيان.
* في مباراة للموردة مع المريخ تم تكليف نجم القراقير الصادق ويو بمراقبة صانع ألعاب المريخ إبراهومة، فلعب معه بقوة، وقطع عنه الماء والهواء، وأخرجه نظيفاً كما دخل، وأفلحت الموردة في الفوز على المريخ، بهدف صنعه الصادق، فاحتفل (ود الجزولي) قائد مشجعي القراقير بتلك النتيجة، وأعد لها أهزوجة جميلة قال في أحد مقاطعها: (خليك حنين يا ويو.. ما تعفص السوسيو)!
* كان الصادق ويو يجمع بين الفن والقوة والشراسة، وقد حقق أفضل الانتصارات مع الموردة على الصعيدين العربي والأفريقي، مع رفاق دربه، هيثم السعودي وهيثم شوشة وكاوندا ومحمد آدم والجقر ومحمود المستقبل وضَرَبا وكابو ونميري سكر وبقية العقد الذي صنع ربيع فريق يحمل شعار القوة والفتوة (الكلية الحربية).
* كذلك ارتدى الصادق شعار المنتخب الوطني، ومثل السودان في العديد من المباريات الدولية، قبل أن يعتزل اللعب، ويخفت صيته، ويختفي من الملاعب.
* لم أسمع باسم الصادق بعدها، إلا عندما ورد مقروناً بنبأ استشهاد ابنه (محمد) برصاصة غادرة، في أحداث الجامعة الأهلية الأخيرة.
* ظهر (ويو) في الصور حزيناً مهدوداً، مكدود الملامح، بعد أن وخط الشيب شعره، وأثقل الحزن كاهله، وتناقلت الوسائط مقطع فيديو مؤلم لزوجته، (أم محمد) وهي تبكي صغيراً ذهب مبكياً على شبابه الغض، بلا ذنب جناه، ليفجع قلب الوالدة، ويفطر فؤاد الأب، ويملأ المكان والزمان بالأحزان.
* حكت الأم الثكلى بصوتٍ نائحٍ باكٍ كيف كدت وتعبت في تربية صغيرها، وذكرت أنها عملت بائعة للشاي، كي توفر له مصاريف الجامعة.
* بأي ذنب قتل محمد؟
* إلى متى تتواصل مساخر العنف الطلابي داخل الجامعات، لتنثر الدماء، وتحصد الأجساد الغضة، وتدوس على الأحلام الكبيرة، وتنسف الطموحات الندية؟
* متى تختفي مشاهد العنف من جامعاتنا، ويسودها الهدوء، وتحفها المحبة، وتسورِّها الرغبة في التحصيل، بدلاً من الميل إلى سفك الدماء؟
* كم طالب فقد روحه مثل محمد، برصاصة غادرةٍ خرجت من سلاحٍ آثم، لم يراع من حمله حرمة قتل النفس، ولا إثم سفك الدماء؟
* عودة الهدوء إلى جامعاتنا مطلب عاجل وملح لا يقبل التأجيل، وضبط القتلة وجلبهم إلى ساحات العدالة لينالوا جزاءهم العادل هدف لا يحتمل التأخير.
* نثق في قدرة الشرطة على فك طلاسم الجريمة الآثمة، ونتمنى أن تفلح في ضبط القاتل بالسرعة اللازمة، لتهدأ النفوس المضطربة، وتقر روح محمد في قبرها، وتجد والدته والصادق ويو بعض العزاء في القصاص ممن ارتكب تلك الجريمة الكريهة المروعة.