الصادق الرزيقي

تِبن وتحديات الثروة الحيوانية..

> وزارة الثروة الحيوانية من الوزارات المظلومة، حيث تعمل في صمت بلا جلبة ولا ضجيج، ولا تنتبه لها وسائل الإعلام والصحافة إلا لماماً. ظلمها الناس وظلمت نفسها باتجاهها للعمل فقط دون أن تبرز لناس مفاتنها وتتبرج بمحاسنها، ولا يستطيع أحد أن يتجاوز كتاب إنجازاتها في تطوير عائدات الثروة الحيوانية التي حققت في العام 2015، مليار دولار من صادرات اللحوم الحية التي بلغت أكثر من «6.5» مليون رأس من الماشية والضأن، وحسب البرنامج الاقتصادي الخماسي، سترتفع عائداتها إلى ثلاثة مليارات دولار بنهاية البرنامج.. كما لا يدري كثير من الناس إن في الربع الأول من هذا العام، حققت إيرادات البلاد من عائدات كل الصادر لكل المنتجات السودانية ما يزيد عن ستمائة مليون دولار، كان نصيب الثروة الحيوانية منه 50% من هذه العائدات. > كانت تلوذ هذه الوزارة بالصمت، لكنها خرجت الأمس من هذا السكوت الطويل، ربما كان من ذهب، وتحدث العالم الجليل بروفيسور موسى تِبن وزير الثروة الحيوانية للصحافيين في مؤتمر صحافي عقده بالوزارة حول برامج وخطة الوزارة لدعم الصحة وإنتاج واستثمارات وصادرات الثروة الحيوانية بحضور بعض وزراء الثروة الحيوانية بالولايات وقيادات الوزارة وهيئاتها، وقدم الوزير وهو من السودانيين القلائل المختصين والمعروفين على مستوى العالم في أمراض الماشية، وصاحب خبرة فنية طويلة في مجال البيطرة وعلومها، قدم خطة مُحْكمة ذات أبعاد مختلفة ومحاور متنوعة، من شأنها أن ترتفع بالقطيع السوداني إلى الغاية المنشودة. ويحتل السودان مكانه الطبيعي ويحافظ عليه كواحد من أكبر الدول المنتجة للحوم وتربية الحيوان، وترتكز خطة الوزارة وبرامجها على أهداف واضحة في مقدمتها إحكام السيطرة على الأمراض والحصول على مناطق مؤمنة منها في كل مناطق الإنتاج لانطلاق الاستثمارات والصادرات وتشجيع استقرار الرُّحل وتحسين سلالات الماشية لزيادة الإنتاج والإنتاجية والاستفادة من المخلفات الزراعية والزراعية الصناعية وصناعة العلف والتغلب على متغيرات المناخ وتشجيع الأسس العلمية في التلقيح الصناعي وتطوير البحوث الحيوانية وزيادة أعداد وكميات اللقاحات المنتجة محلياً.. > وإذا كان السودان يمتلك تنوعاً إحيائياً وبيئياً فيه كل البيئات والمناخات الملائمة للثروة الحيوانية، وتتوفر فيه المراعي والمياه، ويسهل الانتقال فيه من بيئة إلى أخرى، وإرثه الثقافي في تربية الحيوان بوجود «16» نوعاً من الأبقار، و«14» نوعاً من الضأن و«6» أنواع من الماعز و«2» نوع من الحمير و«5» من الخيول، كل هذه بهجائنها وسلالاتها المحلية والمستوردة، فإن الثراء الحيواني وخصائص المجتمعات التي تربي الحيوان والتنقل المستمر وسهولته وحرص مربو الماشية في ابتكار وسائلهم للحفاظ على ثروتهم الحيوانية بالتغلب على الصعبات التي تواجههم سواء أكانت في الحصول على المياه والمراعي الجيدة، مع توفر الخدمات البيطرة وريادتها في السودان منذ مطلع القرن العشرين والخبرة السودانية الطويلة في هذا المجال، بالإضافة الى سياسات الدولة الداعمة لقطاع الثروة الحيوانية وتطويره لدعم الاقتصاد الوطني وتغطية الحاجة المحلية واحتياجات الصادر، فإن الوزارة التي تعمل في هذا المجال وتشعب مجالاته وترابطها بالعملية الاقتصادية في البلاد ترتكز على مقومات فعلية تجعل منها وزارة ذات أهمية قصوى في الاستقرار الاقتصادي والسياسي. > العالم كله يعاني أزمة في الغذاء، سواء أكانت الغلال والحبوب وفي مقدمتها القمح، فمن نعم الله علينا أن ثروتنا الحيوانية تؤمن لنا اللحوم الحمراء بنسبة 100% وكمية مقدرة وعالية جداً من اللحوم البيضاء من أسماك ودواجن ومنتجاتها، حيث يقف السودان على أعتاب الاكتفاء الذاتي وعما قريب من الألبان. فكثير من الناس لا يعلم إن ثروتنا الحيوانية تمثل 20% من الناتج القومي الإجمالي و52% من ناتج القطاع الزراعي، وقدرت الإيقاد ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) إنه في عامي 2008 و2009م بلغت مساهمة الثروة الحيوانية في السودان من عائدات مبيعات الأسواق والمسالخ ومحاجر الصادر وضرائب القطعان حوالي «14.5» مليار دولار. > وهناك صعوبات وتحديات تواجه قطاع الثروة الحيوانية منها إنه تقليدي يحتاج الى تحديث وتحسين البيئات حسب التغيرات المناخية وتعديل نظم تنقل الرعاة للحد من الأمراض وتوفير معالف التسمين وتوفير المياه. > ولذلك طرح الوزير تبن خط الوزارة التي تعتمد على محاور عدة منها التحصين وتطعيم قطعان ومكافحة الأمراض مثل البروسيلا والحمى القلاعية وذات الرئة الساري والتوسع في إنتاج اللقاحات المنتجة محلياً والاستفادة من الميزات الجغرافية للولايات مثل سنار والجزيرة والخرطوم ونهر النيل والشمالية والبحر الأحمر للسيطرة على أمراض الصادر، وتطوير المراعي والتوسع في صناعة الإعلاف واستقرار الرُّحل وتدريب العاملين في قطاع الثروة الحيوانية وقيام مراكز للمعلومات وتقوية الإرشاد الزراعي والتغلب على مشاكل تدني الخصوبة وتحسين النسل وتحديث طرق التربية في البيئات المختلفة. > في مؤتمره الصحافي أمس، ظهر الوزير تِبن وقيادات وزارته، بأنهم يعلمون ماذا يفعلون ويجتهدون دون أن يراؤون الناس ويبذلون قصارى جهدهم في الانتقال بقطاع الثروة الحيوانية الى واقع أفضل بكثير مما هي عليه الآن.. هذه الوزارة تستحق الدعم منا جميعاً من وسائل الإعلام ومن قيادة الدولة..