بخاري بشير : جوبا .. تغيير الخطاب واللسان !!
< قبل مدة توترت العلاقة بين الخرطوم وجوبا بسبب قرار الخرطوم إعتبار مواطني دولة جنوب السودان (أجانب).. علماً أن جوبا تعامل المواطنين السودانيين كـ (أجانب) منذ انفصالها عن السودان في العام 2009م وحتى الآن؛ وليس لهم حق دخول الأراضي الجنوبية إلا وفق (تأشيرة).< لا ينكر أحد أن الحكومة السودانية ترغب في علاقات راسخة تجمعها مع دولة جنوب السودان؛ لإيمانها (القاطع) بما يعود من نفع لشعبي البلدين في حالة الاستقرار والنماء المشترك والتبادل التجاري على الحدود؛ لكن كثيرون يرون بغير ذلك؛ خاصة في حالة استمرار دعم جوبا للحركات المسلحة.< الناظر لاخبار هه الأيام يجد أن جوبا نزعت الى تغيير لهجتها حيال الخرطوم؛ ويبدو أن اللهجة تغيرت أو نحت للتغيير بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي تكونت هناك عقب إتفاق السلام؛ ففي تصريحات نسبت للسيد دينق ألور وزير الخارجية الجنوبي قال « علاقتنا مع السودان باتت سيئة ويجب تحسنها».. وتعهد في موضع آخر بتحسين علاقات جوبا بالخرطوم.< هذه التغيرات في المواقف (المعلنة) من عاصمة جنوب السودان لا تعني بأي حال من الأحوال إنها تغيرات (استراتيجية)؛ فجوبا لا زالت حتى الآن تحتفظ بمواقفها في دعم الحركات المسلحة.< وآخر دعم كان عقب إندلاع المواجهات المسلحة؛ وتصعيد الحرب بولاية جنوب كردفان بين الجيش السوداني والحركة الشعبية (قطاع الشمال) فقد قامت الدولة الوليدة بعقد إجتماع كبير مع قادة (قطاع الشمال) تعهدت خلاله بتقديم الدعم (اللازم) لمواصلة القتال.< الامر الذي جعل (جذوة) الحرب متقدة في مناطق التماس؛ وهو ذات الأمر الذي زاد من تعنت (قطاع الشمال) في عدم التوقيع على اتفاقية (خارطة الطريق) التي وضعها الوسيط الأفريقي.. بل ان الحركة الشعبية (قطاع الشمال) وقفت موقف رافض للخارطة استنكره كل المجتمع الدولي؛ ووعد حينها أنه سيواصل الضغوط على الرافضين لخارطة الطريق؛ ولم يستبعد المجتمع الدولي ممارسة بعض العقوبات عليهم.< المنطق يقول أن جوبا تحتاج لعلاقات راسخة مع دول الجوار؛ وهي في غني عن إفتعال (المشاكل) وإثارة أي غبار بينها والسودان؛ علماً أن الأنباء ذكرت العلاقة (متوترة) بين جوبا وجارتها الشرقية أثيوبيا بعد ان تواترت أنباء عن إجتياح الجيش الأثيوبي للمناطق الشرقية من الدولة الوليدة.< أغرب ما سمعت في أنباء اليومين الماضيين أن جوبا طالبت بوساطة دولية لتعديل رسوم عبور النفط بينها وبين الخرطوم وقالت ستبعث بوفد للخرطوم.. حيث لا داعي لوساطة فما بين جوبا والخرطوم ليست مواجهات على (خط النار) حتى تتدخل وساطة دولية؛ ومن حق الخرطوم وضع ما يناسبها من (سعر) في مسألة العبور فالأرض أرضها والخط خطها.< في اعتقادي لا سبيل لأنصاف الحلول.. إما (جيرة) كاملة تحترم فيها كل حقوق الجوار المعروفة؛ وإما (لا جيرة)؛ لذلك أرى أن الحكمة لازمت قرار مجلس الوزراء الاخير بمعاملة الجنوبيين كأجانب والتلويح بقدرة الحكومة على إغلاق الحدود مع جوبا؛ وهو قرار في تقديري جاء في وقته الصحيح.