نجل الدين ادم : عاجل لوزير التربية بالخرطوم
سابقة فريدة تلك التي قام بها وزير التربية بولاية الخرطوم دكتور “فرح مصطفى” أول أمس وهو يتدخل بصورة مباشرة في حسم مشكلة المغالاة في الرسوم الدراسية بإحدى المدارس الكبرى والمعروفة وهي مدرسة الاتحاد العليا، بعد أن احتدم الخلاف بين أولياء أمور الطلاب وإدارة المدرسة حيث أن الرسوم السنوية ارتفعت إلى (54) ألف جنيه!، بزيادة (8) آلاف جنيه. صحيح أن من يدخلون هذه المدرسة هم من ميسوري الحال ولكن حتى هؤلاء حاصرتهم الضائقة المعيشية ولم يتحمل الكثير منهم حتى زيادة ألف جنيه لذلك جاء الاحتجاج هذه المرة أكبر. وحسناً فعل الوزير أن قام بزيارة إلى هذه المدرسة العريقة والتقى الأطراف خصوصاً عندما علم أن مدير المدرسة الأجنبي الجنسية قد تم فصله بسبب تعاطفه مع أولياء الأمور. قرارات الوزير كانت حازمة وقاطعة بعد أن تبين حجم المشكلة وأمر بوقف أي زيادة في الرسوم والاكتفاء بالرسوم التي كانت سارية، أيضاً وجه إدارة المدرسة بإعادة مدير المدرسة مرة أخرى.
السيد الوزير هذا نموذج جيد وحي في عملية الإصلاح ومتابعة قراراتك بعدم زيادة الرسوم الدراسية، إلا بإذن من إدارات التعليم المختصة وقد أشفيت غليل الكثيرين من أولياء الأمور وأصلحت ما هو معوج، ولكن لا نريد أن يكون دورك محصوراً في مثل هذه المدارس الكبرى والتي كما أشرت، لا يرتادها إلا من هو ميسور الحال ولكن هناك مدارس خاصة أخرى لغير ميسوري الحال، يدفعون من عرق جبينهم ويخصمون من ميزانية الأكل والشرب والعلاج لدفع الرسوم الدراسة لأبنائهم، ليس حباً في المدارس الخاصة ولكنهم مكرهون على أن تكون هي وجهتهم بعد أن فقدوا الأمل في المدارس الحكومية التي فقدت بريقها وقوتها بسبب تمدد المدارس الخاصة. وقد أصبحت حتمية خاصة في المناطق الطرفية. فقد كان واقع الحال في السابق مختلفاً تماماً حيث أنك تجد المدارس الخاصة تنتشر في قلب العاصمة الخرطوم وتكاد لا تجد مدرسة خاصة في الأطراف، لسبب واحد أن هذه المدارس كانت في ذلك الوقت (فنكهة) ورفاهية لمن هم ميسورو الحال. الآن لم تعد المدارس الخاصة في قلب الخرطوم بذلك الحجم الكبير الذي كانت عليه، فقد أضحت قليلة لدرجة كبيرة لذلك اتجه المستثمرون نحو أطراف العاصمة لأنهم يعلمون جيداً، أن سوقهم رائج هناك وأن المدارس الحكومية هناك تفتقد للمقومات الأساسية للاستمرار ناهيك عن المنافسة، فالبعض منها بلا أسوار أو مرافق صحية أو مرافق خدمية أخرى هكذا هو الحال!، لذلك تجد أن من يسكنون تلك الأحياء الطرفية يفضلون أن يدفعوا من دم قلبهم بدلاً من أن يتركوا أبناءهم لمستقبل مجهول في مدارس حكومية، لا يزورها الوزير أو المدير العام أو أي مسؤول في المحلية، سيما أن هناك قائمة كبيرة من هذا النوع من المدارس. أتمنى أن تكون الزيارات القادمة للمدارس الخاصة التي لا يستطيع أولياء الأمور دفع الرسوم التي تزيد عند كل عام، أيضاً مطلوب من السيد الوزير البدء في معالجة هذه المعادلة المقلوبة والاهتمام بالمدارس الحكومية وتعزيز الخدمات فيها، عندها يمكن أن يقل نفوذ المدارس الخاصة، وبالتالي لن تكون المغالاة في الأسعار سبيلاً ممهداً والله المستعان.