مقالات متنوعة

ابراهيم دقش : في حيّنا انفجار!!

الذي وقع نهار (السبت) الماضي في (سوق الشجرة) بـ”أم درمان”، انفجار (غازي) من عربة تانكر غاز تموّن مخبزاً هناك، بدأ بحريق ظل الكثيرون يحدقون فيه أو يتفرجون عليه ولما وقع الانفجار الداوي بدأ الناس في الهروب العظيم فلاحقتهم ألسنة اللهب، ولم يسلم منها الجامع نفسه أو مئذنته التي جللها السواد.. بيوت كثيرة مجاورة تأثرت وأربعة عشر مصاباً تتراوح نسبة الحريق عندهم من الدرجة الأولى إلى الثالثة أو الرابعة.. وعربات الإطفاء تأخرت شيئاً ما لكن الإسعافات جاءت مسرعة وفي وقتها.. وشرطة المرور أغلقت شارع أبي روف – الطريق الشاقيه الترام- والمعتمد وصل.. والوالي أتى مساءً يتفقد ساحة الحريق.. هذه هي الوقائع المجردة.. لكن وقفت عند ثلاث نقاط:
الأولى: عندما يكون الجو عندنا صيفاً ودرجة الحرارة قرابة الخمسين درجة، هل يعقل أن تأتي عربة (التانكر) لتموين الأفران بالغاز في رابعة النهار؟.. ألا يمكن أن تتعدل مواعيد الخدمة إلى ساعات الصباح الباكر أو المساء المتأخر؟
الثانية: ظنت فئة من الناس أن الموضوع ليس انفجاراً عادياً.. وذهب بهم الخيال أو (غيره) إلى أنه عمل معادٍ يخص الجبهة الثورية حتى استبانوا أن الموضوع قدري.. وحول هذه الجزئية يقال إن سائق التانكر لاحظ أن (الأمبير) في العلالي فاعتذر عن التشغيل لكن أصحاب المخبز أجبروه على التوصيل وذهب لأقرب مطعم لتناول الإفطار! هكذا سمعت.. كما سمعت أن بعض شباب الحي شكوا في أن يكون (الحادث) مدبراً وطلبوا معلومات عن طبيعة التنكر!
الثالثة:
إن أهل “أم درمان” القديمة في أحيائهم لا زالوا يتمسكون بتقاليد سمحة موروثة.. فالشاب “فارس” الذي يرقد متأثراً بحروق من الدرجة الأولى.. أخلى المكان من نساء وأطفال وخاض الدخان لينقذ آخرين ودخل الجامع ليؤمن التيار الكهربي فلحقته ألسنة اللهب.. وبعد انجلاء الموقف وصلت أعمدة الأكل من جيران السوق لأصحاب المتاجر والخضار والفواكه، هذا بخلاف تقاطر أهل الحي للمواساة أو المجاملة.. إنه السودان.