احمد دندش

عودة (الملك)


الزحام الكبير الذي شهده قصر الشباب والاطفال في خواتيم العام 2002 كان طبيعيا للغاية، وذلك لاستضافته للحفل الجماهيري الذي سيحيه الفنان جمال فرفور والذي كان في ذلك الوقت من اكثر الفنانين الشباب تواصلا مع جمهوره عبر الحفلات الخيرية، مقاسما بذلك الراحل محمود في جزئية الاهتمام بالجمهور والحرص علي التواصل معه عبر مسارح العاصمة المكشوفة، بعيدا عن الصالات المغلقة والاجواء المخملية التي كان يطل عبرها بعض الفنانين الشباب الجدد آنذاك.
لازلت اذكر جيدا انفعالات الشباب آنذاك وفرفور يظهر علي المسرح، ولازلت اتذكر وبدقة ملامح بعضهم والتي كانت تعبر وبشكل صريح عن ارتباطهم بذلك النجم الذي استطاع ان يصل الي قلوب كل تلك الجماهير باحساسه العالي وباغنياته الخاصة المميزة والتي نصبته (ملكا) علي عرش الاغنية الشبابية.
نعم، تلك السنوات كانت هي من اعظم فترات النجومية التي مرت علي مسيرة فرفور في عوالم الغناء السوداني، واضافت اليه الكثير من الالق والبريق ليصبح انشودة جميلة علي شفاه كل (الفرافير) والذين منحوه كل الحب ومااستبقوا شيئا.
خلال السنوات الاخيرة، تغيرت كل المشاهد، وتوقفت حفلات جمال تلك في ظروف غامضة للغاية، واذكر ان الكثيرين كانوا يتسآلون عن اسباب ذلك الايقاف الغير مبرر، فيما فشل جمال في منح جمهوره اي اسباب واضحة تاركا الحبل علي غارب التكهنات والتي وصلت الي حديث البعض حول تفكير فرفور في اعتزال الغناء، ولولا انتاج فرفور للاغنيات الجديدة في تلك الفترة لرجح الكثيرون كفة ذلك الاحتمال بكل تاكيد.
مؤخراً، عاد فرفور للتواصل معه جمهوره مرة اخرى، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة تماما عن القديمة، حيث اختار ان يلتقي بجمهوره بفنادق العاصمة الفخمة، ذلك القرار الذي اصاب الكثير من معجبيه بالاحباط، فجمال لم يعود جمهوره علي مثل تلك الاطلالات، وجمهوره نفسه لم يعتد علي اللقاء بفرفور في مثل تلك الاجواء (المخملية)، ولعل تلك كانت احد الاسباب الرئيسية التي ادت الي احجام آلاف من جمهور جمال عن حضور تلك الليالي، فيما ضغط البقية علي اعصابهم وذكرياتهم كذلك وساروا خلف فرفور لانجاح مشروعه ذاك بكل طاقتهم وتلك قيمة اخري رسخها جمهور جمال في دعمهم لفنانهم في كل الظروف.
شخصيا، كنت اكثر الناس اعتراضا علي ذلك التحول الغريب في مسيرة جمال فرفور، وكتبت العديد من المقالات التي ناشدته خلالها بضرورة العودة الي حضن جمهوره الحقيقي والذي ابتعد عنه لسنوات طويلة، واقصد هاهنا جمهور المسارح المكشوفة والذي يعتبر الجمهور الحقيقي لاي فنان.
امس الاول شاهدت بوستر اعلان عن حفل جماهيري بنادي الضباط للفنان جمال فرفور، ذلك البوستر الذي اعاد لي وبسرعة شريط ذكريات فرفور في العام 2002، بينما لمحت الفرح بين ثنايا تعليقات معجبيه التي انهمرت تحت ذلك الاعلان والذي اعاد لهم (الروح القديمة) والتي استحضرها فرفور اخيرا بذكاء يحس عليه، ليثبت فعليا بانه (فنان كبير) يعرف كيف يستفيد من ملاحظات الاخرين، بعكس كثير من الفنانين الشباب والذين يتعاملون بـ(صبيانية) و(رعونة) مع اي ملاحظة ترد بشأن مسيرتهم الفنية.
شربكة أخيرة:
إطلاق فرفور لذلك الحفل الجماهيري-في مثل هذا التوقيت- اكد فعلياً بأنه الفنان الاكثر (وعياً) بين كل الشباب، والاكثر حرصاً على جمهوره كذلك…و….(لنا عودة).