مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : نعمة “الواتساب”1-2

لا أحد يجحد فضل تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة وخاصة الفوري منها “الواتساب” في الحوار المباشر المثمر بين الأفراد والجماعات، وكسر الحواجز النفسية وتناول مختلف القضايا بين مكونات المجتمع سواء أكانت سياسية أو اجتماعية، ثقافية أو اقتصادية، ولا شك أن مثل هذا التواصل الحواري المباشر والذي تظهر نتائجه وصداه في الحال، يسهم بقدر كبير في حل كثير من المشكلات السياسية والاجتماعية، وجميع المعضلات، ومن فوائد هذا التطبيق الفوري أن بعض “القروبات” تحولت إلى مجموعات متخصصة في أعمال الخير وجمع التبرعات ومساعدة الملهوفين، وإغاثة المستغيثين، وعلاج المرضى وما إلى ذلك من أوجه الخير، وأخرى انبرت لأعمال دون ذلك “هم” لها عاملون بإخلاص وتفان .
من خلال وجودي عضواً في عدد مهول من مجموعات “الواتساب” ومن خلال متابعتي ومشاركتي في الحوارات المباشرة بين أعضاء تلك “القروبات” على مختلف انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية، والمذهبية والثقافية بدا لي أن تطبيقات التواصل الاجتماعي على الرغم من مثالبها التي تبدو من حين إلى آخر إلا أنها ستكون صاحبة دور فاعل في حل كثير من القضايا السياسية، الاجتماعية وذلك نتيجة لما أرى من جدية تظهر في طرح الأفكار والحلول الموضوعية والمنصفة، ونتيجة للتفاعل الحواري المثمر خاصة بين الشباب الذين بدوا أكثر احتراما للتنوع والرأي الآخر وأكثر إلتزاما بأدب الخلاف في الرأي، إلى جانب دخول شخصيات مهمة ومؤثرة في صناعة الأحداث، حلبة الحوار مما يضفي نوعاً من الجدية والتجارب المنتجة، ولعل هذا ما يحدث الآن عندنا في “قروب” تيار شباب السودان الذي يضم شبابا من مختلف القوى السياسية، حكومة ومعارضة والحق أني التمست احترام الآخر وقبول التنوع والاختلاف مهما كانت درجته وسيادة لغة الإعذار والاعتذار.
وفي ظني أن تطبيقات التواصل الاجتماعي الفوري والتي اتوقع أن يكون قد انكب عليها السودانيون أكثر من غيرهم من الشعوب – ربما لاتساع مساحة الفراغ- سيكون لها أثراً إيجابيا ملموسا في إدارة الاختلاف والتنوع وقبول الآخر.
ومن خلال متابعتي للحوارات السياسية التي تنتظم عادة تلك المجموعات توصلت إلى قناعة تامة بأن جميع أهل السودان يريدون حلا سلسا وناعما للأزمة السياسية الراهنة عبر الحوار والتفاهم والتسوية السياسية، فلا أحد يجنح للعنف والدماء والتقتيل، وإذا وجد من يسعى لذلك فإنه بلا شك سيكون مسعىً نشازا أشبه بسيموفونية تعزف لحنا منفراً وغير مستساغ ولا تألفه أذن ولا يطرب أحداً.
وتأسيسا على ما سبق سأظل على قناعة راسخة بأن الشعب السوداني وقواه السياسية والاجتماعية لا يرى وسيلة لحل الأزمة الراهنة غير الحوار، ولعل ما يزيد قناعتي هذه هو أنه لما قام الرئيس يدعو إلى الحوار لم يكد القوم يكونوا عليه لبدا، بل تسابقت خطاهم جميعاً نحو قاعة الصداقة، ورأينا كيف أن القوى السياسية الفاعلة ذات الأغلبية الساحقة تبوأت مقاعد للحوار، ورأينا كم تفاعلت قطاعات المجتمع السوداني مع ما يُسمى بالحوار المجتمعي، رغم أنه أشبه بعمليات التعبئة والحشود، ومع ذلك ردت منظمات المجتمع المدني التحية بأحسن منها، فهل كل الذي سبقت الإشارة إليه لا يعني إلا أن الجميع يريد الحل السلس للأزمة ودون سفك الدماء وقتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق، وما مبادرة الشخصيات الوطنية الحالية إلا تعزيزا لخيارات الحل السلمي عبر الحوار، لكن يظل السؤال الجوهري: هل النظام يريد حلا سلسا يرضي جميع الأطراف وبدون تسويف أو إكراه؟ أم أنه يمارس لعبته القديمة المفضلة.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.
نواصل..