جلال الدين محمد ابراهيم : قريباً مصر تستصرخ السودان
بعيداً عن السياسة، وعودة للواقع الذي سوف تفرضه الأيام القادمة شَاء من شَاء وأبى من أبى، فإنّ مصر قريباً سوف تستصرخ السودان من أجل فتح السدود كافة حتى لا يموت زرعها وشعبها بالجفاف والعطش.
شاهدت صُوراً حديثة لمجرى النيل في مصر، ووضح فيها وانكشف ممّا لا شك فيه بأنّ انخفاضاً لمنسوب النيل في مصر أصبح بشكل مُخيف في بعض المناطق مما جعل ظهور الجُزر اليابسة بأحجام وأعداد كبيرة وسط النيل، هناك أكثر ممّا يُعاني السودان بأضعاف مُضاعفة وابتعاد وانكماش مجرى النيل عن الشواطئ، المَعروف مما يعني أن كثيراً من المناطق الزراعية الواقعة على النيل في مصر عليها أن تعيد وضع آلية المضخات المائية (ماكينات الري).
ومن جهة أخرى، تكشّفت للمصريين شريط على ضفاف النيل من الأراضي الخصبة بالطمي مما يُساهم في زراعة أنواع معينة من الخضروات بسهولة وبدرجة خصوبة عالية للتربة فهي تربة بكر ولا تحتاج للري بشكل عام.
والسودان موعودٌ بأن يعطي بعض الإعلام المصري ودبلوماسيتها المهرجة في الإعلام درساً لن ينسوه أبداً، ونحن هنا لا نتحدث عن المواطن المصري فهو مغلوب على أمره وحاله كحال كل العرب مع إعلامهم الرسمي وحُكوماتهم التي تُضلِّلهم بالمَعلومات المطبوخة لصالح جهات غربية، لكنّ قريباً الدبلوماسية المصرية تعرف من هي الدبلوماسية السودانية ذات النفس الطويل والصبر الجميل, وأتوقّع أن تنال الدبلوماسية المصرية من السودان درساً يصبح مرجعاً ويدرس ضمن علوم السياسة في المُستقبل القَريب فهو درسٌ قاسٍ، ونقول لبعض للإعلام المُهرِّج وبعض الدبلوماسيين في مصر وليس كلهم، ما قاله الشاعر د. عبد الناصر والذي نصه:-
وبعض الكلام كبعض الشجر
جميل القــوم شحيح الثــــمر
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطـــوف بليغ الأثر
وفرز النفوس كفرز الصخور
ففيها النفيس وفيها الحــجر
وبعض الوعود كبعض القيوم
قوي الرعود شحيح المطر.
والأبيات أعلاه هدية مني للدبلوماسية المصرية، فقريباً تأنى تستصرخ النجدة من الدبلوماسية السودانية وإن غداً لناظرة قريب, فلا حلايب وقتها تنفعكم ولا شلاتين ولا كوبري بينكم وبين المملكة في عرض البحر، ولا الأموال التي تدفقت لكم من أجل الاستثمار, ولا, ولا, ولكنها هي من أجل ما وضع الله فيها ســـر الحياة.
خرمجمة لمن يفهم التلميح:-
تمّ ترحيل الفلاشة من الحبشة بالفعل بواسطة دعم ألماني وأمريكي عالمي، وأعتقد البعض بأن الرئيس نميري خائنٌ لأنه ساهم في الموافقة على نقل يهود الفلاشة الى إسرائيل، ونسى الكثيرون بأن هنالك وعداً من رب العالمين لبني إسرائيل قال تعالى: (فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً)، وهذا يعني بأن يأتي بهم رب العالمين من التيه ويجمعهم مرة أخرى من بلاد شتى باختلاف أصولهم في هذه المرة والتي تعتبر الثانية والأخيرة.
والسؤال ما هي العلاقة بين هذا الخبر المعروف عن ترحيل الفلاشة وهجرة اليهود الفلاشة من الهضبة الأثيوبية الى إسرائيل وبين ما يحدث الآن وسد النهضة وما علاقة كل ذلك ببني إسرائيل – واليهود – والصهيونية – والماسونية العالمية، ولو عرفت الدبلوماسية المصرية السر والرابط بين كل هذه المكونات لفكّت الشفرة ولكن هيهات هيهات.
إذاً لا حل لمصر غير أن تستصرخ السودان كما تعوّدت منذ التاريخ القديم لنجدتها، وسوف يهب السودان لنجدتها وقتها فقط من أجل شعب مصر المسلم وليس من أجل حكومات مصر أو بعض إعلامها الأرعـــن.