ناهد قرناص : قلنا الروووب
توقفت امام الصراف الالي صباحا.. قبل مواصلة طريقى للعمل ..الباب الزجاجي يمكنك من رؤية الذي بالداخل ..كانت امراة شابة تحمل طفلا بيدها اليمنى ..وتحاول جاهدة التعامل مع ازرار الصراف بيدها اليسرى ..تعض باسنانها على محفظتها يبدو انه قد صعب عليها ارجاعها داخل الحقيبة المعلقة على كتفها ..تعاطفت مع منظرها ..طرقت لها الباب وأشرت لها بأنني يمكن ان أحمل الطفل عنها ..نظرت الى نظرة طويلة ..يبدو انها تفكر هل يمكن منحي الثقة ام لا..ثم بتردد فتحت باب الصراف وتركتني احمل الطفل..واكملت هي ما بدأته وهي تنظر كل ثانية في اتجاهي ..من ناحيتي كنت أتابعها بلهفة …كنت اريد التأكد ان الصراف يعمل وبه نقود ..لأنني كثيرا ما عانيت من خلو الصرافات (العاملة) من الكاش ….خرجت ولم تنبئ ملامحها بخير ..قلت لها( شنو الصراف ما فيهو قروش ولا شنو؟)..ابتسمت بحزن وقالت لي (لا.. عملت بيان رصيد ..المرتب ما نزل )..اصابني الهلع ..حتى الان؟؟؟ ..كان اليوم 12 في الشهر ..قلت لها (نحن ذاتنا لحدي امبارح ما نزل ..انا قلت يمكن القاه نزل هسع ..قالوا في مشكلة في السيستم الجديد بتاع وزارة المالية ..عشان كدا المرتبات متأخرة)..تحركت من امامي حاملة طفلها وهي تقول له (اها سمعت؟ ..قالوا المشكلة في السيستم )..ابتسمت انا بدوري ..فقد كانت كلماتها نوعا من الكوميديا السوداء ..هل يستوعب الاطفال هذه الاسباب التي يسوقها من جعلهم الله على خزائن الأرض؟؟ ..كانت تبتعد من ناظري ويلحقها تفكيري .. يبدو من هيئتها انها منفصلة أو أرملة ..ترى هل تلك الطفلة وحيدتها؟ ام ان هناك افواه اخرى تنتظرها في البيت؟ ..هذا السيستم ..عايزين فهامة لاستيعابه …الحقيقة لا استطيع (بلع) قصة السيستم دي ..ولا يأتي احد ليقول لي (الما عارف يقول عدس) ..انا لا افهم في المحاسبة ولا كذلك في تقنية المعلومات ..ولكني اعرف ان الجامعات ترفد البلاد سنويا بالالاف من خريجي هذه العلوم ..يبقى من المفترض انهم يستطيعون حل المعضلة ..وفك الشفرة ..بل يمكنهم ان يصنعوا برنامجا بديلا ..يحل المشكلة في حالة استعصاء البرنامج الرئيس ..قلبي يحدثني ان للاكمة ما وراءها ..يبدو ان ناس المالية ..ارادوا ان يردوا على (النقة) التي نثيرها نحن الموظفون في الأرض ..ان المرتب ما جايب همو ..وانه ينتهي يوم 5 في الشهر .. قالوا لينا اها يلا اتصرفوا …زي ما كل مرة بتعملوا ….حكايتنا مع الراتب ذكرتني تلك الطرفة التي تقول ان احدى النساء كانت تتحدث مع رفيقتها عن جارة لهم بخيلة جدا ..قالت المرأة (القهوة دي ..مي مسيخة؟ ..مي حارة؟ …مي زرقاء؟ ..برضو ما ادتنا ليها) …قياسا على ذلك ..الراتب دا مي شوية؟؟ مي ما لاحق حاجة؟؟ مي ..ما بزيد بي زيادة السوق؟؟ برضو ما ادونا ليهو ….وحتى الان لم يتفضل علينا القائمون على الامر بتوضيح او اعتذار (نبل بيهو الريق )..او نهدئ به بطون الصغار كحجارة تلك المراة في عهد ابن الخطاب..بل تركونا لتخمينات البال الذي لا يطمئن ..وحكاوي الواتساب التي تجعل العقل (يودي ويجيب).. اها يا ناس المالية ..نحن قلنا (الرووووب) عديل ..الشهادة لله انتوا خليتوها (خل خالص) ..وبقينا نكلم نفسنا برانا ..ونغني للراتب (غيابك طال …كفاية تعال ..شغلت البال ..بألف سؤال)
ملحوظة هامة جدا: حتى تاريخه 15 مايو ..لم يتم انزال الراتب في الحساب