سيناريو أبيي المتوقع ..!
> قبل أيام تناولنا خبراً عن لقاءات تُعقد في العاصمة الأمريكية واشنطن، بين عدد من أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي، وبعض أبناء منطقة أبيي من دينكا نقوك على رأسهم د. لوكا بيونق، الذي غادر دولته الوليدة منذ أكثر من عامين واستقر بالولايات المتحدة الأمريكية، أستاذاً بإحدى جامعاتها، لكنه لم ينفك عن تحريك ملف (أبيي) من جديد بإعادته للواجهة، وترافق مع ذلك التحرك تبوأ أحد غلاة المتشددين في ملف أبيي من أبناء دينكا نقوك السيد دينق ألور حقيبة وزارة الخارجية بدولة جنوب السودان، واعتبر كثير من المراقبين أن ذلك يعني (تهييج) ملف القضية مرة أخرى وتأزيم العلاقة المتوترة أصلاً بين الخرطوم وجوبا. > وعلى خلفية التحركات والاتصالات التي يقوم بها لوكا بيونق والدكتور فرانسيس دينق مندوب دولة الجنوب السابق لدى الأمم المتحدة، وهو أخ غير شقيق للوكا بيونق، فهما من أبناء الناظر دينق مجوك، وجدت واشنطن فرصتها لتمرر عبر مجلس الأمن الدولي مشروع قرار حول بعثة (يونيسفا) التابعة للأمم المتحدة لفترة ستة أشهر مقبلة. فبالرغم من أن القرار الصادر من مجلس الأمن روتيني ويتم تجديده من المجلس كل ستة أشهر، إلا أن العبارات الواردة في القرار الذي صاغته الولايات المتحدة، يعطي مؤشراً لا يغيب عن فطنة من يطلع عليه، بأن الأوضاع ستذهب إلى مرحلة التوتر من جديد، عوضاً عن أن القرار الروتيني لتمديد مدة بقاء البعثة جاء في سياق مختلف هذه المرة ببروز لهجة تصعيدية من طرف لا يريد لهذا الملف أن يظل خامداً. > فعندما يقول القرار الأخير (إن الوضع في أبيي وعلى طول الحدود بين السودان وجنوب السودان لايزال يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين)، ويردف بعبارات وتوضيحات أخرى تحذر من توقف العمل في ترسيم الحدود بين البلدين وعدم تفعيل الآلية المشتركة لرصد الحدود والتحقق منها، ويدعو القرار في ذات الوقت الى بذل الجهود لتحديد الخط الصفري للمنطقة الآمنة المنزوعة السلاح، وعد المساس بالوضع القانوني للحدود المشتركة حالياً أو في المستقبل أو في المفاوضات الجارية بشأن المناطق المتنازع عليها خرقاً، ثم الحديث عن اعتزام مجلس الأمن الدولي بمراجعة ولاية القوة الأمنية المؤقتة في أبيي وأجراء أية عملية محتملة لإعادة هيكلة هذه القوة على ضوء التزام كل من الخرطوم وجوبا لمقتضيات قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد الصادرة في العامين 2012 و2014 وفي اتفاقيات التعاون الشامل بينهما الموقعة في سبتمبر 2012م، فعندما يقول القرار ذلك فإنه يعني شيئاً غريباً وجديد لا ينذر بخير في علاقة البلدين ومستقبلها خاصة ما يتعلق بالخلط الغريب لموضع تمديد عمل بعثة اليونسيفا في أبيي وقضايا ومشكلات الحدود بين الجانبين وآليات تطبيق الاتفاقيات السابقة، أثار القرار موضوعات تعلم الولايات المتحدة وبقية الدول الـ «15» الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أن السبب الرئيس في عدم قيام مؤسسات الحكم في إدارية أبيي والمجلس التشريعي والشرطة المشتركة، هو الطرف الجنوبي وليس حكومة السودان، فالتأخير والتباطؤ في تطبيق الاتفاق وقيام هذه المؤسسات التشاركية بين الطرفين المكونين للإشرافية في الإدارية، هو تحريض أمثال دينق ألور ولوكا بيونق وفرانسيس دينق وغيرهم من أبناء دينكا نقوك في الحركة الشعبية ومن دعموا ونفذوا ذلك الاستفتاء الأحادي غير الشرعي الذي لم تعترف به جوبا ورفضته. > يمكن القول إنه يجري ترتيب مسرح جديد للأحداث المتوقعة بين البلدين حول ملف أبيي وقضايا المناطق الحدودية المتنازع عليها، وقد بدأت طلائع ونذر المواجهة والتنازع في ملف أبيي تبدو واضحة للعيان، فقد نفخت واشنطن على حطب النار، وتتأهب لصب المزيد من الزيت على اللهب والشرر المتطاير، فكيف يمكن أن تتعامل الحكومة هنا في الخرطوم مع كل هذه التطورات المتوقعة..؟ > على الحكومة إعادة ترتيب هذا الملف من جديد، ووضع التدابير على الأرض، وإنشاء فريق عمل للمتابعة في المجالين السياسي والدبلوماسي، للعمل بالتزامن مع فرق تعمل على الأرض هناك للتحسب لأية مفاجآت وتطورات ليست في الحسبان.