لطيف.. يا لطيف
* تابعت ما خطه الزميل الحبيب محمد لطيف، عن تفاصيل زيارتهم إلى إثيوبيا، لحضور منتدى يعقده رجال أعمال، سودانيون وإثيوبيون، لمناقشة سبل تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين. * قرأت مقالات لطيف، فتذكرت من فوري ما شهدته بعيني، وتابعته بنفسي، في اجتماعات اللجنة الوزارية الاقتصادية السودانية الإثيوبية العليا في خواتيم شهر نوفمبر من العام المنصرم، وسألت نفسي: هل تم تنفيذ أي شيء من مخرجات تلك الاجتماعات؟ * رافقت نائب الرئيس يومها، ووقفت على اللقاءات العديدة التي عقدت، والاتفاقيات الكثيرة التي أبرمت، وتم فيها التواضع على ترسيم الحدود بين البلدين، وتنشيط سبل التعاون في المجال المصرفي، بإنشاء بنك مشترك، وافتتاح فروع للبنوك السودانية في أديس، وفروع للبنوك الإثيوبية في الخرطوم (خلال شهرين). * تابعت كذلك اجتماعات اللجنة الفنية العليا، واجتماعات اللجنة الوزارية، التي أقرت اتفاقاً في مجال الطاقة الكهربائية، يقضي بتزويد السودان بثلاثمائة ميغاواط من الكهرباء المنتجة من أحد السدود الإثيوبية الجديدة، وإنشاء منطقة حرة وموانئ جافة بين البلدين. * كذلك تم الاتفاق على تطوير ميناء بورتسودان، لزيادة كفاءة أداء الأعمال فيه، وتطوير التقنيات المستخدمة في عمليات التحميل والتفريغ والجمارك والمواصفات وهيئة الموانئ البحرية والحجر الزراعي، لتشجيع الإثيوبيين على العودة إليه، مع إعادة صيانة وتأهيل الطريق الذي سيستخدم في نقل البضائع الإثيوبية من بورتسودان إلى القلابات، لتسريع وتسهيل وتيرة حركة البضائع من الميناء إلى الداخل الإثيوبي، وبالعكس. * اتفاقات عديدة، وبشريات كبيرة حملها اجتماع شارك فيه كل وزراء القطاع الاقتصادي في البلدين، ومحافظا البنكين المركزيين هنا وهناك، ولم تنتج أي شيء، لأن التنظير شيء، والتنفيذ شيء آخر. * لا تم افتتاح المكاتب والبنوك، ولا سمعنا شيئاً عن البنك المشترك، لا تم تزويدنا بالكهرباء الفائضة عن حاجة الإثيوبيين، ولا تم تطوير الميناء وتأهيل الطريق لتشجيع الإثيوبيين على العودة إلى بورتسودان، ولا بنيت المنطقة الحرة ولا الموانئ الجافة، ولا رسمنا الحدود، ولا يحزنون. * كل ما خلصت إليه تلك الاجتماعات الطويلة والمرهقة، وما اتفق عليه رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين، ونائب الرئيس الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن راح (شمار في مرقة)، لأن القائمين على أمر الاقتصاد عندنا لم يتابعوه، ولم يهتموا بتحويله إلى عمل، ولم ينفذوا أي شيء فيه. * نفس تلك الخلاصة ترددت على مسامعي عندما زرت تركيا بمعية عدد من الزملاء الأفاضل، حيث شكت جمعية اقتصادية تركية تضم شركات كبيرة، ورجال أعمال مرموقين، من عدم اهتمام الجانب السوداني بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، وتحدث مسؤولوها عن المفارقات المزعجة بين ما تم الاتفاق عليه وتدوينه على الورق، وما تم على أرض الواقع فعلياً. * نتمنى أن يفرز ملتقى رجال الأعمال السودانيين الإثيوبيين واقعاً مخالفاً لمخرجات اللجنة الوزارية وتوابعها من اللجان الفنية، التي لم تنجز شيئاً يخدم التعاون الاقتصادي بين البلدين. * العبرة بالعمل والتنفيذ، وليس بالاتفاقيات والتنظير، قول يا لطيف.