د. نادية الخالدي : دع النهر يتدفق وحده
عندما تستوقف نفسك فكريا للعبارة السابقة للحظة تلاحظ ملاحظة دقيقة؛ أنه ليس كل الأشياء في الحياة تحتاج إلى أن تقاتل من أجلها كما تظن، أو كما كنت تظن، فبعد هذه المقالة لن تظن ذلك أبدا. فلسنا مجبرين على ردع كل ما يصيبنا، بل إن من الحماقة ذاتها أن نمارس دور الدفاع، والمضحك أن نحارب في حرب نحن من دق أجراسها، ولا وجود لها أصلا.. فحقيقة الأحداث في الحياة أنها بسيطة، وضخامة الأمور وتيسيرها يعتمد علينا وعلى قوتنا الداخلية، بالطبع نحتاج إلى وقود نفسي كجرعة من الإيمان، ونكهات من الثقافة، لنعرف إدارة تكويننا الداخلي بنجاح.
وجدير بالذكر هنا أن هناك قانونا هو خريطة ما وصفته للتو.. وهو قانون السريان، قانون بسيط جدا وظيفتك فيه المراقبة، ولا يحتاج منك إلى جهد، كل ما يحتاج منك إلى وعي بأن كل حالة تصيبك في حياتك لن تتجاوز هذا القانون ولن تتخطاه.. وعند الإيمان بذلك ستعرف أنك عندما تكتئب اجعل هذا الشعور يمر ببساطة، فهو حتما سينتهي، فتكون في حالة اكتئاب ولست مكتئبا، الأولى تنتهي عند إتمام دورانها، والأخرى غير قابلة للانتهاء؛ فهي تتكاثر كل لحظة.. وكذلك عندما تحزن اسمح للحزن أن يزورك فترة وفي النهاية سيغادر، وإياك أن تكون حزينا.. فلا تثبت المشاعر على حالها، ولها نظام دوران متدرج الصعوبة بشكل تنازلي، تبدأ منه وتنتهي ببساطة ما لم تتدخل بها وتغير مجراها.. فأنت إن كنت غاضبا اجعل الغضب يمر من خلالك ليرحل، وهكذا تدور الدائرة بسلام، تحفظ بها مشاعرك وجمالك وأحاسيسك وسعادتك.. أما في حالة مقاومتك ودفاعك هنا ستدفع الثمن في صحتك قبل حياتك، كأنك تمنع النهر من التدفق والجريان.. ولن تتمكن أبدا حتى وإن بنيت كل السدود لعدم السماح له بالتدفق.. فهو يتدفق وإن كان لمسافة بسيطة بين الصخور.. لذلك لا تقاوم طبيعية الحياة، بل تزامن معها حتى لا تموت بالجفاف بسذاجتك.. عش دورك ببساطة إنسان متعدد الحالات النفسية، وكن متوافقا مع مشاعرك، واسمح للنهر أن يتدفق وحده.