تحقيقات وتقارير

الصادق المهدي … من الاعتقال لمخطط الاغتيال

لم يشهد تاريخ السودان السياسي طوال العصور الماضية أي عمليات اغتيال سياسي لرموز أو شخصيات قيادية ويرجع ذلك إلى أن عموم أهل السودان متسامحون يرفضون التعامل مع هذا الفقه ولايؤمنون به ، رغم التباين والتنوع القبلي والجهوي والثقافي والديني للمجتمع السوداني ، وليس هنالك من يتوقع حدوث عمليات اغتيال مهما بلغ الخلاف بين الأطراف السياسية . وهناك بعض الحوادث التي وقعت ولكنها لاتندرج في قاموس الاغتيالات السياسية . قبل شهر ونيف كشف القائد الميداني السابق للحركة الشعبية شمال رئيس حزب الحركة الشعبية أصحاب القضية الحقيقيين اللواء عبدالباقي قرفة في مؤتمر صحفي عن مخطط للجبهة الثورية تسعى من خلاله إلى تصفية قادة سياسيين في البلاد، وقال القائمة شملت رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، كثاني أهم شخصية مستهدفه بالإعدام شنقاً, وعاد بالأمس وجدد نفس التحذيرات وأكد أن عناصر من الجبهة الثورية تدير مؤامرة تحاك في الظلام ضد الإمام المهدي الذي غادر البلاد بعد خروجه من المعتقل عقب بلاغ دونه ضده جهاز الأمن بنيابة أمن الدولة واستقر به المقام في قاهرة المعز. السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن للجبهة الثورية أن تغدر بالإمام وتنفذ بحقه عملية اغتيال وهو الذي يجمعه معها تحالف قوى نداء السودان الذي وقعه معها في باريس ؟

مساعٍ للوقيعة:
بالمقابل سخر حزب الإمام المهدي من حديث قرفة وشن هجوماً عنيفاً علىه واتهمه بالسعي للوقيعة بين الجبهة الثورية وحزب الأمة لصالح جهة ما لم يسمها وقال الحزب على لسان نائب الرئيس محمد عبد الله الدومة:( الزول ده قطع الكلام ده من رأسه ) ، ولم يتوقف الدومة عند نفي ما أثاره قرفه عن مخطط الثورية ضد المهدي فحسب بل تبرع بكشف أسرار خطيرة ربما تنشر لأول مره عن علاقة حزبه بالثورية بقيادة جبريل إبراهيم ، والثورية بقيادة مالك عقار واصفاً العلاقة بأنها أفضل مايكون منذ توقيع إعلان باريس وقال الدومة إن المهدي يحظى باحترام كبير من قيادة الثورية التي تستعين به وتعتمد عليه في عملها المدني ونصح الدومة قرفة بأن لايتحدث في مالاعلم له به ، أما النائب الثاني لرئيس الحزب الفريق صديق إسماعيل اكتفى بالقول (لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا ) وقال نذكر من ذكر هذا القول بهذه الآية الكريمة .

غير منطقي:
القيادي بقوى المستقبل د. عمر عثمان يرى أن الحديث عن استهداف الصادق المهدي غير موفق وغير منطقي وقطع بعدم وجود نوايا لدى الجبهة الثورية أو أياً من قيادات المعارضة لاستهداف الرجل او أقصائه, وقال المهدي ليس بالرجل الساهل ولديه احترامه الكبير وسط القوى السياسية المعارضة وغيرالمعارضة, وأضاف المهدي رجل حكيم وقضى عمره في النضال ولم يستكن يوماً ما ولم يرضخ بالرغم من كبر سنه .

تحذيرات:
شخصية المهدي وتاريخه السياسي الطويل ومكانته لدى الأنصار قد يكون له الاثر البليغ في استبعاد المؤمرات والمخططات ضده ، وهذا ماذهب اليه الخبير الأمني العقيد (م) حسن بيومي الذي استبعد وجود أي مخطط لاغتيال الصادق المهدي أو استهدافه, وحذر من مجرد التفكير للقيام بالخطوة باعتبارها ستقود إلى ما لايحمد عقباه وقال من يفكر في تصفية المهدي عليه أن يفكر مليون مرة قبل التخطيط للأمر واعتبر أن الخطوة ستفتح جبهات قتاليه جديدة وأن الأنصار لن يسكتوا عليها وقطع بيومي أن استهداف الزعامات السياسية في السودان غير وارد إطلاقا وأكد أن الحكومة لديها مسؤليات تجاه حمايتها .

*احتمال ضعيف:
فيما اتفق الخبير السياسي د. صلاح الدومة مع من سبقوه, وقال من المستحيل أن تستهدف الجبهة الثورية الصادق المهدي أو تحيك مؤامره ضده، وأضاف أن احتمال حدوث عملية الاغتيال ضعيفه جدا وتكاد تنعدم ، الدومة لاينظر إلى الأمر إلا مجرد كونه نوع من التهديد للامام ووصف حديث قرفة بغير الموفق وقال سيجلب له سخط من المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي, وتابع رجل مثل الصادق يجب ان لايهدد بالقتل وهو الذي ناضل من اجل الديمقراطية والحرية وأكد الدومة أن مثل هذا الحديث سيعود بنتائج وخيمة وسالبة على من روج له, واعتبره سلوكاً غير قويم منه .
قرفة الذي روج لهذه الأحاديث حاولت الصحيفة استنطاقه إلا أنه رفض بحجة التزامه بإجراء حوار حول الأمر مع صحيفة أخرى.
وفي نهاية المطاف تظل سجالات الساحة السياسية خالية من ظاهرة الاغتيالات التي باتت تعاني منها الدول من حولنا ، نتمنى أن لاتفتح لها طاقة وأن يظل بابها مغلقاً حتى لاننجرف وراء تيارها الذي يقود للغرق.

تقرير :ثناء عابدين
صحيفة آخر لحظة