الصادق الرزيقي

حزب وثلاث نساء ..!

> لا علاقة تناص بين عنوان المقال وعنوان رواية الكاتب المصري الكبير إحسان عبد القدوس (أنف وثلاث عيون)، فشتان ما بين العنوانين والموضوعين. فالحزب المقصود هنا هو المؤتمر الوطني، والثلاث نساء هن وزيرات محترمات من أميز قياداته، ومن النجيبات اللائي يقُدن العمل في ثلاث وزرات مهمة، بعيدات نوعاً ما عن مساقط الأضواء، لكنهن يحُزن على معرفة واسعة ودقيقة وإلمام كبير بمجال عملهن، ويمثلن بقع ضوء ساطعة في دُجى متلاطم الأمواج من العقبات والمتاريس وتحديات العمل العام. > بالأمس التأم اجتماع المجلس الإستشاري لأمانة المرأة بالمؤتمر، وقُدِّمت فيه تقارير أداء وخطط عمل ومبادرات جيدة وبنَّاءة في إطار عمل الأمانة، لكن مساهمات ثلاث من الوزيرات في المناقشة العميقة وهي الدكتورة سعاد عبد الرزاق وزير التربية والتعليم، ومشاعر الدولَّب وزير الرعاية والضمان الاجتماعي، والدكتورة تهاني عبد الله وزير الاتصالات، لفت الأنظار إلى أن المرأة السودانية بتميزها وقدراتها القيادية ونجاعة تفكيرها ونجاحاتها في المواقع التي تتبوأها، وإدراكها لمسؤولياتها الوطنية والاجتماعية والسياسية، لو أتيحت لها فرص أكبر يمكنها أن تُبدع أكثر وتقدم للبلاد مساهمات وإنجازات كبيرة. > هذا الاستنباط، جاء من واقع المناقشات الطويلة والعميقة حول مهام وخطط وبرامج أمانة المرأة بالمؤتمر الوطني التي تقودها الأستاذة زينب أحمد الطيب، والمجلس الاستشاري للأمانة برئاسة الأستاذة سامية أحمد محمد، فقد طرحت كل قضايا السياسة وهموم المجتمع وشؤون المرأة السودانية والتحولات الاجتماعية التي تجري في مجتمعنا والانتقالات الراهنة في سلوك الشرائح الاجتماعية وتفاعلاتها مع التطورات السياسية والثقافية والعلمية والتقنية، والتحديات التي تواجهنا في ظل ظروف معقدة ومركَّبة مع بروز تشكيلات جديدة في شكل المجتمع المدني وأنماط تفكيره، بالإضافة إلى معدلات النمو الهائلة كماً وكيفاً في العمل الأهلي غير الحكومي الذي يستهدف ويعمل على قضايا اجتماعية وثقافية وسياسية وأمنية وحقوقية تمثل بؤر الأزمة وجوهرها في بلادنا.. > فطرح مثل هذه القضايا وعرضها وبرامج العمل والتخطيط للسياسات التي تتحول إلى برامج تنفيذية، وكيفية التصدي للصعوبات ومواجهة المسارات الموازية في العمل السياسي والاجتماعي، والاصطراعات الفكرية والحزبية وما لحق بالمجتمع من تشققات، ربما ذات صبغة مناطقية وقبلية، يستجوب أن يكون النظر إليها بذات العمق والغور في جذور التوصيف والتشخيص والتخطيط السليم واستخلاص الحلول، وهنا برزت في ظل المناقشات القيمة أحاديث كثيرة وإسهامات قيمة قدمها أعضاء المجلس الاستشاري، لكن طريقة التفكير الباهرة التي تناولت بها الدكتورة سعاد عبد الرزاق قضية القدوة والأنموذج والمثال كعنصر رئيس في قيادة التغيير الاجتماعي وفلسفة التربية في تقويم سلوك المجتمع وتزكيته، قدمت فائدة عظيمة وإضافة كبيرة مع نسق تفكير مرتب واستدعاء شواهد من تجربة عملية عاشتها وتعيشها، أظهرت الوزيرة القيمة على التعليم والتربية بأنها على قدر كبير من الوعي بما يعانيه المجتمع ويتطلب حركة فاعلة عبر أدوات الفعل السياسي وسلطان الدولة وهداية الإرشاد والاقتداء. > أما وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب، فمن حيث هي اهتماماتها الفكرية والعلمية والإبداعية، نظرت من أفق آخر للقضية الاجتماعية وتمخضاتها وأثرها الطافح، الذي يستوجب التوقف عنده والمواءمة ما بين سياسات البرامج والخطط والفعل والتنفيذ في كل ما يتعلق بالراهن الاجتماعي، وربطت ربطاً مدهشاً بين ما تقوم به الوزارة كأداة تنفيذية لخطاب الرئيس وعده الانتخابي وعمل أمانة المرأة التي هي في الأساس روح المجتمع وأساس تكوينه، وقدمت رؤية لم يسبق أن طرحتها على المنابر الرسمية والتنفيذية التي قد لا تناسب هذا النوع من التفكير المتعمق الذي يشبه مِبضع الجراح في تشريحه لما نعاني. > وزيرة الاتصالات د. تهاني عبد الله، وهي خبيرة في مجالها، ربطت في مداخلاتها التطورات الاجتماعية في تصاعدها مهما كان بطيئاً بآفاق التقنية الحديثة ومستجدات ثورة الاتصالات التي صارت هي ملح الحياة وهواءها الذي يتنفسه الناس، وربطت بين التفكير في تنمية قدرات المرأة السودانية ودورها في الحياة العامة وإدارة شؤونها وأسرتها ومكابدتها في الحياة وترقية وعيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبين ما يمكن أن تتيحه التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات .. وكيفية تسخير وتوظيف هذه التقانات في تنظيم وتفعيل وتسهيل إدارة العمل السياسي والحزبي. > هؤلاء النسوة وأخواتهن في الأمانة ومجلسها الاستشاري، وهن في حلبة العمل العام، لا يقل جهدهن وكسبهن وعطاءهن عن الرجال شيئاً، بل وجودهن في مضمار العمل السياسي والتنفيذي أكسب السودان مكانة كبيرة بين أقرانه وجعله متقدماً عليهم في تمكينه للمرأة .. من حق الحزب الحاكم أن يفخر بمثل وزيراته الثلاث وأعضاء أمانة للمرأة والأُخيات من الوزيرات.. وهن صورة مشرقة لوجه الوطن.. ومن حقنا أن نفاخر بهن ونعتز..