هنادي الصديق : لسنا أعداء الوطن
* غالب نواب المجلس الوطني الحالي بغض النظر عن طريقة إنتخابهم ووسائلها سلوكهم البرلماني لايخلو من غرابة ، فمرة يطالب بعضهم بزيادة رواتبهم بعد أن أصبحت صلاتهم سهوا، ومرة يطالبون بسيارات إضافية لأن (سيارة وأحدة لا تكفي)، ومرة يهاجمون الشباب الذي فشل في إيجاد وظيفة ويصفونه بالمهدد الامني للوطن، وغيرها من البدع والتصريحات (المدهشة) .
* بالأمس وفي مواصلة لمسلسل النواب (الكوميدي) هاجم أحدهم مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب مع آخرين بانشاء هيئة مستقلة لمراقبتها، ولم ينسوا أن يشنوا هجوما مماثلاً على الصحف قبل أن يصفوها بـ (العدو الاول للسودان) لانها نجحت في تحقيق ما عجزت عنه المعارضة والحركات المسلحة بحسب زعمهم.
* من الأمثلة التي تضرب في البلاغة على أضرب الخبر الفيلسوف الكندي قال لإبن المبرد “إني أجد في كلام العرب لحشوا” فقال له “كيف” فقال الفيلسوف “يقولون عبد الله قائم وإن عبد الله قائم وإن عبد الله لقائم”وقد تكررت الألفاظ فقال له أبو العباس “لقد تكررت الألفاظ لتكرر المعاني ولاختلاف المقامات ، ولذلك كان الأوفق لنواب البرلمان تذكر أن لكل ماقام مقال فاذا كان يتحدثون ويتملكهم الذعر من مواقع التواصل الاجتماعي وماتنشره ما علاقة الصحف بذلك وهي تصدر بتراخيص من السلطات .
* البرلمان في كل دول العالم هو الناطق بإسم الشعب، والمنافح والمناطح لأجل حقوقه وإسترداد ما سلبته الأجهزة التنفيذية، أما في السودان، فيبدو أن الحال (مقلوب) والوضع ميئوس منه، والا ما الذي يفسر الهجوم على السلطة الرابعة من نواب مهمتهم حمايتها وتمكينها من قول الحقيقة .
* من الواضح أن معظم نواب البرلمان لا يدرون شيئا عن طبيعة عملهم لذا من الطبيعي جدا أن يتركوا مهامهم الاساسية وينحرفوا لإنتقاد الشعب تارة ، وإنتقاد الصحافة تارة أخرىي، تاركين دورهن الرقابي على الأجهزة التنفيذية تفعل بالبلاد وبالعباد ما تشاء.
* الوضع الطبيعي أن يصفق نواب البرلمان لما تكتبه الصحافة من نقد للمسؤولين حال تقصيرهم، ويصفقون لها وهي تكشف قوائم الفساد في مؤسسات الدولة لأنها بذلك تقدم للهؤلاء النواب خدمات في طبق من ذهب، وبدلا من إستدعاء المسؤولين التنفيذيين ومحاسبتهم علي تقصيرهم، وممارسة دورهم الرقابي والتشريعي يصبون جام غضبهم علي الصحافة والصحافيين، بل ويذهبون لأبعد من ذلك ليعكسوا أسوأ صورة لنائب برلماني في العالم يطالب بفرض رقابة علي مواقع التواصل الإجتماعي ويمني نفسه بإغلاقها وكأنها إحدى قنواتهم أو إذاعاتهم الموجهة، وهو بذلك يؤكد أنه خارج نطاق التغطية الإسفيرية، ويشير إلى أن بعض هؤلاء النواب لا علاقة بينه وبين التقنية الحديثة من هواتف ذكية وأجهزة حاسوب.
* لايحتاج أحد أن ينكر الدور الوطني للصحافة السودانية ومهما واجهت صاحبة الجلالة من تحديات ظلت تقوم بدورها على أكمل وجه ، وهي لاتحتاج وساماً أونوط جدارة من البرلمان حتى تؤكد أنها ليست عدواً للوطنية ويجب أن لايسكت الزملاء على ذلك ولتتبلور مقترحات لوقف هؤلاء النواب عند حدهم ولتبدأ بالاحتجاج ثم التقاضي وغيرها من وسائل التصدي السلمية.