هناء إبراهيم : الشعر خلاص حرمتو
قد يشغل الإنسان نفسه بقصة عابرة لاقتو فجأة في الزمن الصدفة، وربما يحاول أن يبحث لها عن نهايات و(تفاضل) إن لم تكن النهاية قد وُقِعت بعد.
هذه القصة قد تأخذ من بالك الكثير وتجعلك في حلقات متواصلة من التفكير.
قصة كهذه ربما تقابلك تسعة صباحاً في ورقة أو عبر أغنية أو تستمع إلى بدايتها في مواصلات و(أهل القصة) ينزلون قبل النهاية وقبل محطتك.
أيام المدرسة كنت عاملة فيها بكتب شعر.. وبالتالي على السادة الكرام (ناس المدرسة) كلهم أن يستحملوا ذلك.
لازم وضروري و(كسر رقبة) بما أني ببقى ليهم وتابعة لتلك المدرسة التابعة بدورها إلى وزارة التربية والتعليم، لازم يستمعوا إلى هذا الشعر. حيث يجوز لك حينها أن تتخيل مسرح المدرسة بني من أجلك أنت.
والله جد..
تيمناً بالكلام أعلاه كنت ما بقصر كلو كلو.
في يوم (السبت) الذي كان وقتها يوم عديل وعادي زي (الأحد والثلاثاء والخميس). والناس بتمشي الشغل عادي قبل أن يصير ببقى لـ(الجمعة) من جهة الأب والإجازة.
(سبتها) كان برنامج الصباح، ما علينا، ومع ذلك طلعت على المسرح وقرأت القصيدة التي كانت واقفة لي هِنا كما عادة الكلام.
كان اسمها (اتكلمي) حيث يبدو ولسبب ترجيت من خلالها زولة أن اتكلمي ياخ..
وصل بي الإلحاح أن قلت لها في نهاية القصيدة:
صمت الشجون بعمل جنون اتكلمي
بلغة العيون.. اتكلمي
بالابتسام.. اتكلمي
بصمت الكلام.. اتكلمي
ومن غير كلام.. اتكلمي
ما قصرت معاها في (شحد) البوح.
وغلبني ماذا أقول؟! بلغة زرعوك في قلبي.
و……
القصة وما فيها هي أن زميلتنا من الصف الثالث شغلت بالها كثيراً بقصة (بت القصيدة) وما إن كانت قد اتكلمت في النهاية أم لا.
هذه الزميلة استطاعت الخروج من الدرس في منتصف الحصة الثانية عبر كذبة مُقننة وجاءت إلى فصلنا وطلبت مقابلتي.
وقبل أن تأذن لها أستاذتنا بالدخول، وقفت أمامي وسألتني إن كانت البت القبيل الفي القصيدة قد اتكلمت.
أنا ما قلت حاجة بينما زعلت أستاذتنا من هذه الحركة، وكل هذا الزعل والزهج طلع في رأسي أنا الغلبانة دي.
قالت مس “غادة”: تاني يا “هناء إبراهيم” نهائي ما تقولي شعر في الطابور.. الكلام دا واضح؟!
قلت: حاضر، وأضفت: والله لو قلتي لي امتحانات ما تمتحني وأنا ما قارية، والله العظيم ما أمتحن، خلي الشعر دا، أنا يا مس “غادة”، الشعر خلاص حرمتو وقفلت خلاص على بابو.
بهذا كانت مس “غادة” مبسوطة مني غاية الانبساط.. ولم يتبق لها إلا إعطائي كأس العالم في (سمعان الكلام).
من جهتي، مشيت البيت ووضعت كلمات (اتكلمي) أمامي ولحنتها بالصح والكضب وجيت الصباح عزفتها وغنيتا في الطابور، رغم مأساوية الصوت.
هسه أنا قلت شعر؟؟
هذا غُنا..
بعد أن خلصت الأغنية جاءت مس “غادة”، ابتسمت ثم قالت: يعني هسه لو قلت ليك تاني ما تغني، بكره ح تجيبها لي تمثيلية عارفاك.
رديت: من هسه اختصري الموضوع وقولي لي ما تمثلي عشان أتصرف في الأفكار.
بعد ذلك كتبت قصيدة أخرى قلت في ختامها:
بس القدر ما قال كدا
ورسل شمس في ضُلنا
ظلت مس “غادة” وقتاً من الزمن تسألني عن ضلنا دا إلى أن تركت الشعر وزرعت شجرة ما فيها ضل.
هسه أنا بسلم عليها وبعتذر عن تلك (اللماضة) والحركات.
وهذا تحريض مني للبحث عن حل آخر.
و……
الزول يتصرف ياخ