كمال عمر : الجوع في دولة الجنوب
> قالت الأمم المتحدة إن أكثر من «69» ألف شخص من دولة جنوب السودان فروا إلى السودان منذ يناير الماضي هرباً من نقص الغذاء والمعارك. وبحسب التقارير فإن معظم الواصلين لجأوا إلى ولايات شرق دارفور وجنوب دارفور وغرب كردفان. > ونشرت «الإنتباهة» أمس السبت خبراً صادماً أزاح الستار عن التدهور المريع الذي وصلت إليه الأوضاع في دولة الجنوب. وذلك عندما كشف رئيس قبيلة مول بمنطقة تورالي الواقعة في ولاية واراب، عن مقتل نحو «7» رؤوس من حيوان فرس النهر منذ أواخر أبريل حتى أوائل مايو الجاري. > الجوع أجبر عناصر من الجيش الشعبي وبعض الأفراد في مجتمع مول على اصطياد حيوان فرس النهر لتغطية احتياجات الغذاء واستمرار الحياة. > هذا المنزلق الخطير الذي تمر به دولة الجنوب يعضد ما رشح من قراءات وأخبار نشرت الأسبوع الماضي تتحدث عن أن شبح الانهيار يهدد اقتصاد الدولة الوليدة. > بوادر الانهيار كشفتها مؤشرات سابقة عندما اندلعت الحرب بين سلفا كير ومشار، وكانت النتيجة فواتير باهظة الثمن تم صرفها في التسليح والتجنيد وحرب المخابرات والتجسس من خزينة دولة لا تملك أدنى مقومات الصمود أمام هذا الصرف العشوائي المخيف. > الحرب لم تدع الدولة الوليدة تلتقط أنفاسها بعد هبوط أسعار النفط عالمياً، وصار مواطن الجنوب يبحث في الأكواخ والكهوف عن لقمة العيش التي تعذر توفيرها في ظل أوضاع إنسانية مؤلمة. > ووسط كل هذا التردي فاجأ سلفا كير شعبه بتحويل مزرعته إلى قاعدة عسكرية تحوي أجهزة استخبارية عالية الحساسية ومدرج طائرات ودبابات وصواريخ، مستفيداً من الأموال التى تُبعث لوزارة دفاع دولته وتحويلها لمصلحته الشخصية بتدريب المقاتلين واستخدام الأصول العسكرية لأغراض حمايته. > أما مشار فهو الآخر عاد مدججاً بالمدافع والصواريخ عقب توقيعه على اتفاق السلام الأخير بمباركة من المراقبين الدوليين، وبحجة أنه لا يأمن غدر حكومة جوبا. > هذا الاستنزاف من شأنه إرهاق خزينة دولة عظمى، ناهيك عن دولة وليدة تعاني ويلات الفقر والجوع والأمراض. > أما السودان فقدره تحمل تبعات الانفصال اقتصادياً واستقبال الهجرات العكسية، والصبر على المناوشات والدعم العسكري الذي تقدمه جوبا لحركات التمرد وقطاع الشمال. > هجرات النزوح التي تعاني منها ولايات دارفور وكردفان من شأنها خلق نوع من البلبلة وانعدام الأمن في تلك المناطق، لأن الأفواج القادمة من جنوب السودان لن تخلو من عناصر مندسة تستغل مثل هذه الأوضاع لتنفيذ أجندة معادية لم تتخلَ عنها حكومة جوبا برغم ما تعانيه من أزمات طاحنة. > وفرار المواطنين من مناطق ملتهبة يجعلهم يستصحبون معهم الأسلحة التي انتشرت بصورة كبيرة في ولايات التماس، وتحاول الخرطوم جمعها بشتى السبل بعد الاستقرار الكبير والأمن الذي باتت تنعم به دارفور وأجزاء كبيرة من ولايات كردفان. > على حكومة جوبا تنفيذ خطط وبرامج إسعافية للحد من الخطر الداهم الذي بات يهدد المواطنين، وذلك عبر توظيف الأموال والدعومات الخارجية في ما يضمد جراح جسد دولة أنهكته جولات الحروب وملأت صدره روائح الفساد والتآمر. > فكروا في معاش المواطن حتى لا يلجأ إلى نحت الصخور واصطياد أفراس النهر والغزلان، وتهديد الحياة البرية التي تعتبر من الثروات النادرة في إفريقيا وتزخر بها غابات ومدن الجنوب.