مقالات متنوعة

د. حسن التجاني : على حافة الهلاك!!

> كنت حتى وقت قريب أظن أن الرواية عندنا ماتت بموت الأديب الطيب صالح.. وإننا لن نرث منها إلا ما كتبه وورثناه في أدب شفيف أصيل، وهو صاحب النكهة واللغة المحلية التي ذوبت مشاعر العالم وجعلتهم أسيرين لحب السودان عبر رواياته التي تجمعت في كتاب واحد. > لكن بالأمس القريب اطلعت على أدب جديد وعلى عمل روائي لصاحب قلم فنان لم يكن جديداً ولا حديث طلة، بل صاحب روايات سابقة معروفة منها «رحيل الفرح.. متاهات في قاع المدينة.. وجهان للحياة والموت…. جحيم الموت»، لكن الأخيرة التي دشنتها منظمة أروقة كانت «غير» فقد كتبت بطعم الشهد وهي التي أطلق عليها عنوان «على حافة الهلاك». > الأستاذ الراوي هو العباس علي يحيى العباس الذي لا ارى له بديلاً غير ان يصبح خليفة للراحل المقيم الطيب صالح بروايته الأخيرة التي كتب تقديمها بحروف من نوع آخر من مفاهيم الأدب الأستاذ زين العابدين سر الختم المحامي، حيث تأدب أدباً عحيباً يجعلك تطرب قبل أن يزداد طربك حين تقرأ أدب هذه الرواية.. حيث يقول سر الختم إن الرواية تطرح عدداً من القضايا الاجتماعية بصورة جريئة، ويقول إن الكاتب يترك مساحة للقارئ للتأمل والمشاركة وإيجاد الحلول.. ونحن نقول لزين العابدين نحن تأملنا و «نملنا» لشدة ما جذبتنا الرواية حتى حين بدأناها لم نجرؤ على تركها لحظة لنعاودها، بل ظللنا نقبض عليها بشراهة كما يقبض الطفل بثدي أمه ليروي ظمأه لبناً، ونحن ارتوينا فكراً بهذه الرواية. > رواية «على حافة الهلاك» جاءت في أكثر من مئتي صفحة.. واستطاع الراوي أن يصول ويجول بنا في عمق المجتمع ويستخرج منه الدرر في مفاهيم وأساليب العلاج لمثل هذه القضايا المرتبطة بالشرف والأخلاق، وكيف نجحت الفتاة «نفيسة» بطلة الرواية في النجاة من الهلاك والسقوط في براثن عالم «اللاأخلاق». > هذا العمل المقدم من الأستاذ العباس يحيى… يحتاج للتصفيق الحار، فالرجل كان جريئاً في طرحه وخياله الذي ربطه بكثير من الواقع، فكانت الرواية رائعة. > سر فرحنا بالرواية التي قرأناها في أقل من يومين يعني خلال «48» ساعة.. أننا حقيقة لم نستطع التوقف الا ووصلنا نقطة كيف عالج الكاتب موضوع «نفيسة» التي رغم وجودها في البيئة الآسنة، إلا أنها استطاعت أن تنجو من الهاوية والانحراف. > لكن الرواية لا يمكن أن أصفها كتابةً في «الوهج»، فماعونه ضيق لا يحتويها تفصيلاً إن لم يطلع عليها كل من يريد أن يعرف كيف كانت النجاة لنفيسة من الهلاك والانحراف، مهما حاولت أن أعطي حتى مستخلصاً لفكرتها.. اقرأوا هذه الرواية لتحكموا بأنفسكم كيف أن أدب الرواية عندنا لم يمت. > الرواية صورت الحياة السودانية او غيرها من المجتمعات الأخرى.. رغم أن اللهجة واللغة كلها دلالات على أنها من أرض الوطن. > أخفى الراوي وجود الشرطة في مكافحة الرذيلة.. وصور الحال وكأننا في مجتمع أباح كل شيء، بل ذهب الراوي لحقيقة يجب أن تقال.. إن الإنسان بوازع ودافع ضميره يمكن أن يسيطر على كبح جماح شهوات نفسه، وهذه غاية سامية، لكن آلية المكافحة لمن انقسموا في لهوهم وشتاتهم كان يجب أن تشير في جزئية مداهمة عربة شرطة لواحد من هذه الأوكار التي كانت تقام فيها هذه الليالي الحمراء. شكراً أخي الراوي العباس علي يحيى العباس. «إن قُدِّر لنا نعود».