اسماء محمد جمعة : الوزير يخدعنا
لا اعتقد أن هناك سودانياً لم تتدهور حياته وفقد الكثير من فرص الحياة بسبب سوء الحال الاقتصادي الذي ظل السودان يشقى به، فسياسات الحكومة لا تراعي المصلحة العامة ولا تقوم بواجبها الحقيقي، أما هذا العام 2016م، فهو خلاصة شقاء تلك السنين العجاف، فالأمر وصل منتهاه وأصبحت الحياة الكريمة أمنية وحلم بعيد المنال، كل الشعب السوداني انتقل إلى الفقر لا أحد يستطيع توفير أبسط متطلبات الحياة مهما كدح واجتهد، ورغم هذا الحكومة (نايمة في العسل) وتصرِّف نفسها من جيب المواطن و ليس لديها أدنى استعداد لتغيير هذا الوضع، بل ومتمادية فيه، والأمر من كل ذلك هو الخداع الذي تمارسه على المواطن لتجمِّل قبح ما تفعل.
وزير المالية مثلما يخرج إلينا كل كم شهر ليبشرنا بفشل حكومته في أن ترفع يدها من جيب المواطن وتغيِّر سلوكها في التعامل مع الاقتصاد، مرة أخرى يداعب عقولنا بخدعة وهي أن التضخم انخفض 12.4% ولا يعلم أننا لا نصدق ما قاله فكل الدلائل تقول: إن التضخم ازداد حتى أن الدراسات العالمية والعلمية صنفت السودان ضمن أعلى الدول تضخماً في العالم، وأن هذا الأمر لا يتحسن إلا بسياسات معروفة لا تصنعها سياسة الخداع.
حسب معلوماتنا العامة، التضخم هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، وأن وجود التضخم في الاقتصاد الوطني يعنى فشل السياسات الاقتصادية في تحقيق أحد أهم أهدافها وهو الحفاظ على الاستقرار العام للأسعار، والواقع أن الأسعار لم تستقر منذ سنوات وقد تضاعفت كثيراً حتى من العام الماضي بعض السلع ارتفعت 100% ولأكثر من مرة وأخرى ارتفعت أكثر من ذلك وليس هناك سلعة واحدة حافظت على سعرها، وكذلك الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، والحكومة لم تتخذ أي إجراءات منطقية لخفض هذا التضخم، فهل يمكن أن يشرح لنا وزير المالية كيف انخفض التضخم لوحده ؟ مع أن الرقم الذي قاله إذا صح لما اشتكى المواطن من ارتفاع الأسعار ولما اضطر هو أن يجمِّل وجه حكومته بكلام غير منطقي.
لا أدري لماذا تعتبرنا الحكومة شعب جاهل ويجب أن تقول أي شيء ونصدقها ثم ننتظرها وهي لا تقوم بأي إجراءات منطقية لعلاج مشاكلنا ثم تخرج إلينا مرة أخرى بنفس الخدعة التي تعتقد أن المواطن صدَّقها المرة السابقة، لأنه لم يفعل شيئاً وظل ساكتاً وصابراً عليها.
يقول أهل الاقتصاد: إن التضخم عرض وليس مرض، هو مؤشر تكمن خلفه حقائق قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية، وبالتالي فإن السيطرة عليه قبل أن يصل مستوى الخطورة رهن بأسبابه، فلماذا يمارس معنا وزير المالية سياسة الخداع ولا تعالج حكومته المرض الحقيقي الذي هي فيه؟.
مصيبة السودان تكمن في الحكومة نفسها، فهي لا تريد لأي مشكلة أن تحل من خلال معالجات منطقية وعلمية، فقط تريد أن يظل الشعب دائماً مشغولاً بقضايا المعيشة وعدم الاستقرار وهي غارقة في إدمان السلطة والثروة الذي أفقدها الوعي منذ سنوات فأصبحت تقول أي كلام بلا خجل، ولذلك لن تفعل إلا ما هو غير معقول ومقبول ولن تفيق لوحدها فهي تحتاج لضربة موجعة على رأسها