مبارك عبده صالح : الجمرة بتحرق الواطيها
في كثير من الأحيان تجدنا نقابل تصرفات بعضنا البعض فى حلّ بعض المشاكل والأمور بمزيد من الاستغراب والشك ، ويتم ذلك دون الاقتراب من الصورة لمعرفة التفاصيل التى ستجعلنا وتقنعنا بالنتيجة التى نتجت من هذا الأمر .
كان يعيش فى بحبوحة من العيش والجاه والمنصب الكبير، ولكن رضى بما قسمه الله من خير سابق وعسرة حالياً ،وأصبح يتعامل مع الواقع الجديد فى قيادته لركشة، يسترزق بها ويوفر قوت أسرته من كده وعرقه ،حيث أغلقت فى وجهه الهواتف كافة، التى كان لا يتوقف رنينها طوال اليوم، والجيش الجرار من الضيوف وطلاب الحاجات بالمكتب ،خلاف الذين ينتظرون عودته للتقدم له بطلبات فى تعيين الابن والأخ . كل ذلك تبخر تماماً الآن، وأصبح الكل يتفاداه لمعرفتهم أن مقابلته تعنى طلباً لسلفية أو منحة . سبحان الله! توكل على الحى الدائم وعمل ما فى وسعه بالاعتماد على نفسه بأية كيفية ، طالما كانت ترضى الله ورسوله .تجده أصبح حديثنا جميعنا فى مجالسنا المختلفة ،وأقول مجالسنا ،ولا أستثنى أحدا فى أن يصير مادة فى الحالة التى وصل اليها فلان ، وبدلاً من العطور الباريسية الفاخرة التى تتقدم مجيئه بألف خطوة والألوان المنسجمة ،بدءا من القميص والكرفته والبدلة صارت ملابسه تحاول يائسة أن تفارق جلده التى التصقت به من العرق، وما يتبع ذلك من الروائح المختلطة بالبنزين والعرق والتراب ! سبحان الله ! هذ الدورة التى يتعرض لها كل فرد منا وباسرع مما نتخيل تماشياً مع إيقاع الحياة السريع فيمكن ان تكون مليونيراً يوم السبت ،وفي السبت القادم تكون مديونيرا وبعده مباشرة (مجنونيرا) بكوبر أو الهدى تحت لافتة( يبقى لحين السداد) .
على أقل تقدير لماذا لا نقوم ببروفة لمستقبل حياتنا فى تشجيع مثل هؤلاء الزملاء الأعزاء والوقوف على تجربتهم وتشجيعهم فيما يقومون به من عمل شريف ، معتمدين فيه على أنفسهم من بعد الله سبحانه وتعالى . بدعوتهم لزيارتنا فى مكاتبنا الفخمة أو فى مناسباتنا والتى تعيد له ثقته فى نفسه بأننا مازلنا بخير .
التواصل معه تلفونياً وتفقد أحواله وأحوال ابنائه وإذا تهيأت لنا فرصة لمساعدته مادياً أو توظيف لأبنائه نقوم بها .
أحياناً يشعر المرء بأنه يتحدث عن مدينة افلاطون الفاضلة ، ولكننا ننسى ديننا وعقيدتنا والتى تشكلت منها قيمنا وثقافتنا السودانية فى أننا اخوة و(أكرموا عزيز قوم ذلّ)..
نسأل الله اللطف بالجميع