عثمان ميرغني

لجنة الحُكماء!!


بما أنّ لجنة (7+7) أفصحت أخيراً عن موعد انعقاد الجمعية العمومية للحوار الوطني.. في منتصف شهر يوليو القادم.. أي بعد انقضاء عطلة عيد الفطر المبارك.. فالأوجب، كَسباً للوقت، أن نبتدر مَسَاراً مُوازياً آخر للحوار.. يلتقي مع الحوار الوطني في مرحلة (الجمعية العُمومية)..
اقترح على مجموعة الـ (52) التي قَدّمت (مُبادرة الإصلاح والسلام) لرئاسة الجمهورية.. أن تنظم (مؤتمر مائدة مُستديرة) لجميع مكونات المعارضة الداخلية والخارجية.. تكون مُهمته الأساسية بلورة رؤية قومية لإنهاء الحرب والانخراط في عملية سياسية صاعدة نحو الحل الأمثل لمُعضلات بلادنا المُزمنة..
مقومات النجاح متوفرة؛ أولاً: خلال شهر رمضان تنحسر المواجهات السياسية بما يُعزِّز فرص الحوار المُنتج البنّاء خاصةً تحت رعاية وكنف مجموعة مُستنيرة لقيادة الحوار قادرة على صناعة فرص التلاقي وتضييق مساحات الخلاف..
وثانياً؛ وهو الأهم، توفر تكنلوجيا الاتصالات حلاً مثالياً للسؤال الحتمي عن (المكان والزمان).. فإدارة حوار مُمتد يشمل كل أركان الكرة الأرضية أمرٌ لم يَعد (يحتاج إلى بطل).. في عالم باتت أدق العمليّات الجراحيّة تجرى في أكثر أعضاء الجسم البشري حساسيةً دون حاجة لتوفر الجراح في غرفة العمليات فوق جسد المريض.
المدة المُتبقية لموعد انعقاد الجمعية العمومية للحوار حوالي (70) يوماً.. وهي كافية جداً لإنجاز حـــوار مُــوازٍ (مؤتمر المائدة المُستديرة) بمُنتهى العقلانية والموضوعية لصناعة الحل المستدام بدلاً عن الانتظار العاطل لحوار وطني يركب على ظهر سلحفاة.
وحتى لا يضيع الوقت في الشكليات التي أحياناً تنسف الفكرة وتحوّل مسارها إلى جدل غير مُنتج، فإنّ التعويل على مجموعة الـ (52) ليس لأكثر من تجاوز هدر الوقت في استنباط لجنة وسطاء أو حكماء قادرة على إدارة الحوار بمُنتهى الشفافية.. فهم يمثلون طيفاً فكرياً وسياسياً واجتماعياً يحوز على ثقة ورضاء الشعب السوداني.. ولتكن مُبادرتهم هي رأس الخيط الذي يقود إلى الحل بدلاً عن إضاعة الوقت في التجادل حَــول مَصير المُبادرة.. والغرق في تفاصيل الشكليات والإجرائيات التي مَــرّت بها (لم أقل عصفت بها)..
إذا استطاعت لجنة الحُكماء الـ (52) إقناع الحركات المسلحة بـ(الخيار صفر).. إنهاء الحرب دون قيد أو شرط.. والانخراط في الكفاح المدني السياسي.. تختصر نصف الطريق إلى الحل النهائي.. وقد يبدو ذلك عَزيزاً بمقاييس واعتبارات التراشق السياسي المتوفر حالياً.. لكن الفكرة الذكية والمدخل المُناسب والحجة والمنطق قادر على تفكيك المُستحيل وتحويله إلى واقع ملموس بالعين المُجرّدة من البكاء على اللبن المسكوب..
أقترح على لجنة الحكماء الـ (52) أن لا يُعطِّلوا قطارهم في محطة المُبادرة والمذكرة المُعلّقة بين تصريحات قيادات حزب المؤتمر الوطني.. فهي بداية وليست نهاية الطريق.. والعاقل من تبصّر بالخيارات والفرص أمامه بدلاً عن الاستكانة والقناعة بالفشل.
واصلوا.. وليتحوّل أصحاب الُمبادرة إلى (لجنة حكماء) برضاء الشعب السوداني ومُباركته وثقته.