هل يحقق اجتماع السودان ومصر تقدما بشأن حلايب؟
في ظل أجواء خلافية بين السودان ومصر بسبب مثلث حلايب الذي تسيطر عليه مصر منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، انطلقت في الخرطوم الخميس اجتماعات روتينية للجنة السودانية المصرية المشتركة، على أمل أن تسهم في تحسين التفاهم بين البلدين حول كثير من الملفات المعطلة.
ومع إغلاق المباحثات في وجه الإعلام، إلا بما يجود به مسؤولون من هنا وهناك، توقع متابعون مناقشة الاجتماعات عدة قضايا مشتركة، ولا يستبعدون أن يكون النزاع على مثلث حلايب وشلاتين على قمتها.
وما يدعم توقعات أولئك المتابعين استباق موسى محمد أحمد مساعد رئيس الجمهورية السوداني الاجتماعات بالتأكيد على أن “ملف حلايب بالنسبة للسودان ليس سياسيا، بل ملف سيادي أرضا وشعبا”.
وزاد من اتضاح الموقف السوداني ما قاله رئيس وفد الخرطوم في الاجتماعات عبد الغني النعيم، الذي أكد أن أزمة مثلث حلايب مع مصر تأتي على رأس العقبات التي لا زالت تعترض سبيل التكامل بين البلدين، مطالبا في كلمته الافتتاحية لاجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بضرورة إيجاد حلول عاجلة لتلك العقبات.
وشدد النعيم على ضرورة التوصل لحل لأزمة حلايب “دون إبطاء”، عبر الحوار أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
وعلى الرغم من تحاشي رئيس الجانب المصري في اللجنة الفنية المشتركة أسامة المجدوب ذكر أزمة حلايب أو التعليق على ما ورد في خطاب الجانب السوداني حول القضية، فإن ذلك بدا كأنه محاولة مصرية للابتعاد “ولو لحين” عما يعكر صفو الاجتماعات.
ويؤكد رئيس جبهة الشرق القيادة المكلفة سليمان أونور أن الادعاء بمصرية حلايب لا يملك سندا قانونيا أو تاريخيا، “ولا يراعي العلاقات بين الشعبين”، وأوضح أنه حتى عام 1994 لم يكن هناك أي وجود مصري بالمنطقة.
وطالب أونور في حديثه للجزيرة نت مصر بالتعقل، “لأن الخرائط والمستندات التي تؤكد سودانية المنطقة وتمكن استرجاعها موجودة، مثلما تواجدت لدى السودان المستندات التي أعادت لمصر منطقة طابا”.
في المقابل، يتساءل متابعون عن إمكانية أن تحقق الاجتماعات ذات التمثيل الرسمي المنخفض اختراقا على صعيد القضايا المطروحة.
واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة شرق النيل عبد اللطيف محمد سعيد مساهمة الاجتماعات في رفع توصية حقيقية بحل الأزمة، “لأنها معقدة ومتصلة بملفات سياسية داخلية في البلدين معا”.
وتساءل سعيد في تعليقه للجزيرة نت عن مدى الصلاحيات التي يمكن أن يحملها أعضاء الوفدين إزاء قضية مثل النزاع حول حلايب، في وقت تدرك فيه القيادات في البلدين أن تلك القضية لن تحل إلا بتنازلات كبيرة ومؤلمة من الجانبين، وتفاهمات على أعلى مستوى قيادي.
بينما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري عمر عبد العزيز أن اجتماعات اللجنة المشتركة تعد خطوة أولى في الطريق الصحيح لحل القضايا العالقة ودراسة كيفية التعامل معها.
وقال عبد العزيز للجزيرة نت إن الاجتماعات مقرر لها رفع توصيات بكيفية التعامل مع القضايا المشتركة، وأبرزها قضية حلايب، وطالب مصر بفهم العقبة التي تمثلها قضية حلايب للعلاقات بين الخرطوم والقاهرة.
بدوره، قلل أستاذ الدراسات الدبلوماسية عبد الرحمن أبو خريس من إمكانية إحراز اللجنة السودانية المشتركة أي تقدم في القضايا التي تتصدر علاقات البلدين، وفي مقدمتها حلايب “ونتوء حلفا وأرقين”.
وقال أبو خريس للجزيرة نت إن تلك القضايا ستتصدر حتما أجندة اجتماعات اللجنة المشتركة، “لكنها لن تخرج فيها بجديد”، مرجحا اكتفاء الاجتماعات بوضع توصيات ترفع إلى اجتماع القمة المقبل.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
المصدر : الجزيرة