رندا الشيخ : تباشير الحياة
أميل كثيراً لاعتناق فكرة أن الارتقاء الفكري والإنساني لا يُلقّن ولا يرتبط بنضج الفرد أو نموه الجسدي ووصوله لمرحلة عمرية متقدمة، فهناك من هو على أعتاب الستين ولم يصل لمحطة الارتقاء تلك، وربما يجهل وجودها تماماً. فالارتقاء نضج بحد ذاته، ولا يتحقق إلا من خلال خبرات حياتية تجسدها مواقف نتعرض لها أو يتعرض لها غيرنا، ومعرفة نكتسبها سواء برضانا أو رغماً عنا، والأهم من كل ذلك الاستعداد الذاتي نفسياً وعقلياً لاكتساب ذلك النضج، والاستفادة من النتائج المترتبة عليه عند وصولنا إلى محطته.
أما الاستعداد النفسي والعقلي، فيرتبط مباشرة بالقناعات المترسبة داخلنا، التي إن أزلنا الذابل منها تركنا للمزهرة الفرصة لأن تتنفس وتشرع أجنحتها لاستقبال تباشير الحياة.
تباشير الحياة يا عزيزي القارئ لا ترهق نفسها في زيارة النفوس المتطيرة أو العقول المتذمرة، ولا تنفق من وقتها الثمين في محاولة إقناعهم بأنهم مخطئون في حق أنفسهم، فهي مشغولة بتلبية نداءات الأرواح، التي قررت أن تنفض أي رماد يسد مجرى ارتقائها، وأن تمحو أي فكرة أو قناعة سلبية قد تقف حجر عثرة أمام تحقيقها لأحلامها واستمتاعها، بسعادة، بكل مرحلة من مراحل نجاحها. فقد نذرت نفسها لأن تطل على نوافذهم المفتوحة وتسقي انتظارهم بهجة لم يتوقعوا غيرها.