محمد المعتصم حاكم : أريتريا التصدي والتنمية (1و2)
أريتريا التصدي والتنمية (1)
بدعوة من اللجنة الوطنية للاحتفالات بدولة (اريتريا) الشقيقة، كان الوفد الشعبي السوداني حُضُوراً مُميّزاً ومُشاركات فنية أضفت على الاحتفال باليوبيل الفضي للاستقلال نوراً وتمازجاً ثقافياً يحكي عن عَظمة التلاحم والنضال المُشترك بين الشعبيْن الشقيقيْن في اريتريا والسودان والذي تجسد في تلك القبائل الحدودية التي تعيش في تواصل مُستمر في الدولتين الشقيقتيْن عبر نظارة واحدة نجد الاحترام والتقدير هنا وهناك، وفوق كل ذلك ظلت الطائفة الختمية قاسماً مشتركاً بكثافة مميزة في كل اريتريا وشيخا واحدا للجميع في السودان واريتريا هو مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، بجانب تلك الصلة النضالية الطويلة التي تحقق عبر استقلال الشعب الاريتري في كفاح متصل حمل فيه الشعب السوداني السلاح جنباً الى جنب مع شقيقه الاريتري حتى تحقّق النصر في الرابع والعشرين من مايو عام 1991م، كما كانت كل الأراضي السودانية مفتوحة لأشقائنا في اريتريا طيلة سنوات الكفاح المُسلّح، ثم أصبحت وطناً ثانياً لهم يعيشون بيننا مُعزّزين مُكرّمين بكل الحب والتقدير لأننا في نهاية المطاف شعب واحد تجمعنا صلات الدم والتاريخ والكثير من العادات والتقاليد والتداخل الإثني والقبلي، حيث لا يُمكن أن تميِّز ما بين المواطن الأريتري في كسلا أو السوداني في تسني أو كرن، فالشعب واحدٌ هنا وهناك مما يجعلني أقول بأن اريتريا هي امتدادٌ للسودان وكذلك السودان هو امتدادٌ لاريتريا، حيث لن تجد التّمَازُج الشعبي ما بيننا وكل دول الجوار السوداني باستثناء جنوب مصر وشمال السودان وفي فجر السبت قبل الماضي وصلنا الى مطار (أسمرا) الدولي، حيث حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة والدقة في التنظيم عبر برنامج مطبوع للزيارة لمدة أسبوع شمل كل مظاهر احتفالات الشعب الاريتري الشقيق باليوبيل الفضي للاستقلال، حيث الاحتفالات الشعبية في الأحياء ومشاهدة العروض الفنية ليلاً في شارع الحرية وزيارة المتحف الاريتري الذي يحكي قصة شعب فريد ونادر استطاع أن يصنع المعجزات حتى تحقق الاستقلال، وكذلك شاهدنا معارض الجاليات الاريترية في دول المهجر التي ارتبطت بوطنها واستطاعت أن تثبت وجودها في كل بلدان العالم دون تفريط في حب الوطن الأم (اريتريا)، ولقد كان ضمن الوفد الشعبي السوداني الفنان (كمال ترباس) والصديق الفنان وعضو المجلس الوطني عبد القادر سالم والرائع المُبدع (سيدي دوشكا) والفنانة الواعدة المُميّزة (فهيمة) وكانت مُشاركتهم في كل يوم فخراً لنا أسعدت كل الشعب الاريتري، ثم كانت الروعة في ذلك النشيد الاريتري في يوم الاحتفال الرسمي الذي شرّفه الرئيس (اسياس افورقي) وتجاوب الحضور مع الفن السوداني بقوة وحب، وعموماً كان عرض الافتتاح مُدهشاً يحكي عن عظمة ذلك الشعب الشقيق تحت شعار(ربع قرن من التصدي والتنمية)، كما كان وفد السودان الشعبي رائعاً في التواجد والمشاركات ويظل الشقيقان الاريتريان (ادريس وعلي) هما فاكهة الزيارة التي ظلت ملازمة لنا كمنسقين للبرنامج بصبر ودون كلل أو ملل ويرجع كل الفضل في ذلك الإنجاز للشقيق الاريتري السفير إبراهيم إدريس.
….
ارتريا التصدي والتنمية (2)
يعجز قلمي عن وصف الاحتفال الرسمي في ذكرى اليوبيل الفضي لاستقلال دولة ارتريا الشقيقة بدءاً من العرض العسكري وتلك الطائرات المحلقة في الجو واللوحات الخلفية المزدانة بجميع ألوان النور التي يحركها آلاف الأطفال عبر أشكال تحكي عن قصة، وتترجمها تلك الصورة الخلابة؛ وكان وفدنا السوداني مميزاً وأكبر وفد شعبي مشارك، في تلك الاحتفالات، وكان على رأسه عميد الدبلوماسية الشعبية الصديق الباشمهندس (عبدالمنعم السني) الأمين العام لمجلس الصداقة الشعبية العالمية؛ وكذلك عدد من نظار القبائل الحدودية السودانية؛ بجانب تلك الكوكبة من أصدقاء ارتريا من كل ربوع السودان؛ حيث كانت فرصة رائعة أن التقي بذلك الكم من النشطاء المحبين لأرتريا؛ ولوطنهم السودان؛ بجانب الأعزاء من طاقم سفارتنا بأسمرا، وعلى رأسهم السفير المحبوب النشيط (ماجد يوسف) الذي لبينا دعوته للغداء في منزله كما أن المشاركات الرمزية عبر وفود صغيرة كانت حضوراً من معظم دول العالم؛ بجانب ممثلي السلك الدبلوماسي في دول ارتريا قبل بداية الاحتفالات التي جرت في ميدان (الفاتح من سبتمبر) كانت كلمة رئيس الدولة الرئيس المحبوب لدى كل شعبه (اسياس افورقي) وبما أن الاحتفالات كانت هذا العام تحت شعار (التصدي والتنمية) كان حديث الرئيس عن التطور الذي حدث في ارتريا منذ الاستقلال في كافة مناحي الحياة الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية، كما أكد الرئيس على استقلال القرار الإرتري الحر في دفع وطنه الى الأمام دون ضغوط او إملاءات من الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى باستمرار للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأكد الرئيس على تحمل كل الصعاب من أجل بناء الدولة الإرترية الحديثة‘ وبأيادي وعرق الإرتريين الشرفاء الرافضين لكل أشكال الاستعمار الاقتصادي الجديد، وبعد خطاب الرئيس بدأ العرض والكرنفال الذي يحكي عن التصدي بكل أشكال التخلص والتصدي كمستعمر حتى تحقق الاستقلال؛ لتبدأ مرحلة البناء والتعمير؛ والتي تجسدت في قصص صاغها المبدعون الإرتريون عبر تلك اللوحات الخلاقة التي تحكي عن التعليم الجامعي وتخريج أفواج من ابناء وبنات ارتريا في مختلف التخصصات؛ بجانب لوحات أخرى يحكي عن الزراعة والصناعة والمستشفيات الحديثة وتعليم الأطفال ومحو الأمية في كل القرى النائية وفي تلك الأمسية الرائعة برزت المشاركة السودانية عبر نشيد يحكي عن العلاقات الأزلية التي تجمع الشعبين الشقيقين والحب الذي يكنه الشعب السوداني لشقيقه الشعب الإرتري، ولا أرى بعد الذي شهدته من محبة للارتريين لأشقائهم في السودان غير التفكير الجاد في مسألة قانون الحريات الأربع فهم أولى من غيرهم وأحق والذي يجمعنا بالشعب الإرتري الشقيق أكثر بكثير من الذي يفرقنا، فالتحية والحب لهم في ذكرى اليوبيل الفضي للاستقلال.