السلاح لماذا وكيف؟
> خلال الأيام الفائتة، أعلنت الاجهزة الأمنية في الشرطة وجهاز الأمن الوطني والمخابرات، عن ضبط أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية داخل ولاية الخرطوم أو قادمة إليها، وآخرها ما أعلن عنه أمس في محلية شرق النيل في منطقة عد بابكر، ولولا يقظة أجهزتنا الأمنية وعينها الساهرة لأفلحت الجهات التي تخطط لضرب الأمن والاستقرار والطمأنينة في تنفيذ جزء من مخططاتها وإثارة البلبلة والفوضى، والمعلوم أن هذه الأعمال الخبيثة من أجل التخريب ونشر الذعر بين المواطنين والتخطيط لاغتيالات أو تفجيرات وإيقاظ الخلايا النائمة، ليس أمراً جديداً، فقد ثبت أن الحركة الشعبية قطاع الشمال وبعض الحركات المتمردة متورطة ووالغة في هذا العمل الإجرامي، فمنذ أيام الفترة الانتقالية عقب توقيع اتفاقية نيفاشا والشراكة التي كانت قائمة يومها بوجود الحركة الشعبية شريكاً في السلطة، كانت المعلومات ترد عن عمليات تخرين للسلاح والذخائر وعن منازل في أطراف الخرطوم يتم فيها تخزين الأسلحة، وحتى بعد انفصال جنوب السودان لم تنقطع الحركة الشعبية الأم أو قطاع الشمال أو حركات دارفور عن تحريك منسوبيها وعناصرها لتكوين خلاياهم داخل ولاية الخرطوم وولايات أخرى، وظلت الأجهزة الأمنية وأعينها تترصدهم وتتابع نشاطهم.. ويمثل الوعي الشعبي ويقظة المواطنين عاملاً اضافياً لكشف مثل هذه المخططات. > وهنا لا بد من أن نذكر أنه في الفترة من 2005م وحتى 2011م، وهي الفترة الانتقالية، تورطت جهات خارجية ومنظمات في عمليات نقل السلاح داخل ولاية الخرطوم، وكانت هناك حادثة انقلاب شهيرة لسيارة تتبع للأمم المتحدة في أحد أحياء الخرطوم الطرفية في 2007م كانت محملة بأسلحة تتبع للحركة الشعبية، وحسب المعلومات في ذلك الوقت أنها كانت في طريقها للتوزيع ثم التخزين في منازل أجرتها الحركة الشعبية في أجزاء متفرقة من مدن الولاية، وتقود عمليات نقل سلاح مشابهة من بعض الولايات بعربات دستورية في ذلك الوقت لدستوريين تابعين للحركة الشعبية ولمنظمات تتوفر على حصانة دبلوماسية. > وعندما تأسست ما تسمى الجبهة الثورية وما تلاها من تحالفات أخرى للمعارضة المسلحة وأحزاب سياسية معارضة، تزايد النشاط السري وعمليات تسريب السلاح، خاصة أن مصادره متعددة وطرق عبوره كثيرة قادمة من جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وكانت هناك تجارة سلاح تجري وتمر عبر الخرطوم والولايات القريبة يتم ضبطها من حين لآخر. > لكن تقارب التوقيت في ضبط السلاح بولاية الخرطوم وكميات من المخدرات خلال الأسابيع الثلاثة الاخيرة، يشير إشارة واضحة إلى أن جهات معادية ومعارضة حريصة على إكمال مهمة توفير السلاح اللازم ليكون في يد خلاياها النائمة بالخرطوم توطئة للفوضى التي تنتظر المعارضة إشعال فتيلها في الخرطوم تكون متزامنة مع تحركات في الشارع أو الجامعات إن نجحت المعارضة السياسية في إلهاب التظاهرات الشعبية. > لكن يبدو أن السهم قد طاش بعيداً هذه المرة أيضاً، ولم تستطع الأحزاب المعارضة تفجير الأوضاع في الجامعات وإخراج المواطنين إلى الشوارع وتحقيق حلم السيد الصادق المهدي وبقية رفاقه في تحالف إعلان باريس بإنجاز الانتفاضة الشعبية المحمية بالسلاح، فقلاع السلاح ومخازنه تتهاوى الواحدة بعد الأخرى، ولدى الأجهزة الأمنية معلومات وافرة حول اسلحة الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور، وترصد بدقة وتتابع عن كثب ما يدور في الظلام والخفاء، وهي قادرة على كشف المزيد من مخابئ السلاح والذخائر. > الذي يتوجب أن نفطن إليه أن عمليات نقل السلاح باتت معقدة ومتطورة بتعدد مصادرها، فكثير من دول المنطقة خاصة في حدودنا الغربية وجوارها تعاني من كثرة السلاح المتدفق من ليبيا بسبب الأوضاع المأزومة في هذا البلد، فليبيا في عهد القذافي كانت تعرف بأنها أكبر مخزن سلاح تقليدي في العالم، فعند سقوط نظام العقيد الليبي تفرق وتسرب هذا السلاح إلى دول الجوار ووصل إلى أيدي مجموعات مسلحة وتجار سلاح في المنطقة، ولم تهتم دول حلف الناتو والحكومات الغربية خاصة الولايات المتحدة إلا بترسانة الأسلحة غير التقليدية التي كان يظن أن القذافي قد امتلكها خاصة نواة السلاح البيولوجي وبعض التجهيزات لصناعة أسلحة كيميائية، وتم غض الطرف عن ملايين قطع السلاح الخفيفة والمدافع الرشاشة والمقذوفات الصاروخية مثل «آر. بي. جي» وغيرها، وحصلت حركات دارفور وما تسمى الجبهة الثورية منذ عهد القذافي على كمية من هذه الأسلحة، فضلاً عن السلاح الذي يتسرب من دولة جنوب السودان.