عندما نُغلف «الموت»
«1» > الأخبار الحزينة جعلت «قهوتنا» بطبيعة الحال «قهوة سادة». > حتى تلك التى تكب عليها ربع كيلو سكر. > لا أدري هل المشكلة في «السكر» أم في حاسة «التذوق» عندنا؟ «2» > جثة الطفل ألان الكردي كان لها وقع حزين في كل النفوس. > يمكن أن يكون هناك ألف ألان في دارفور. > وألف ألان في غزة. > وألف ألان في سوريا. > وألف ألان في العراق. > يمكن أن يكون ذلك فعلاً يومياً في تلك المناطق. > لكن لأن ألان الكردي مات على شاطئ تركي بعد غرقه في البحر الأبيض المتوسط أحدث كل ذلك الأثر. > حتى الموت في «أوروبا» يختلف عن الموت عندنا. «3» > حسب صحيفة «الصيحة» أمس: «قالت مفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة إن نحو «700» مهاجر ماتوا إثر تحطم القوارب التى كانوا يستقلونها في البحر المتوسط خلال ثلاثة أيام، وكشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أنها التقت ناجين سودانيين أبلغوها بغرق عشرات من رفقائهم السودانيين. وبحسب تقارير فإن القوارب المتهالكة غرقت يومي الأربعاء والخميس الماضيين جنوبي إيطاليا. وقالت المتحدثة باسم المفوضية كارلوتا سامي لـ «بي. بي. سي» إن من أكثر الأشياء المقلقة أن كل القوارب غادرت في الوقت نفسه خلال الأيام القليلة الماضية وهو ما وضع المنفذين تحت ضغوط شديدة». > كأننا أصبحنا نهرب إلى «الموت المغلف» الذي يكون على هذه الطريقة. > نهاجر ثم نعود «طروداً» من الخارج. > نهاجر وحدانا ونعود زرافات. > نهرع إلى الموت الجاهز بدلاً من الموت في بلاد مازالت الخدمات الأساسية فيها «الكهرباء والمياه» تدخل ضمن مسببات السعادة عند الناس. > استمرار الكهرباء واستقرارها اصبح أقصى حدود أمانينا. > مازالت الحكومات في تلك البلاد تعتبر استمرار التيار الكهربائي وقدوم صيف بلا قطوعات في المياه انجازاً لها. > وكأن مياه نهر النيل «مشفرة». > الرهان عندنا مازال قائماً على استقرار التيار الكهربائي حتى صار ذلك محفزاً في البرامج الانتخابية للأحزاب السودانية. > عشرات السودانيين كانوا ضمن تلك القوارب التى غرقت في البحر الأبيض المتوسط وبلغ عدد ضحاياها «700» مهاجر. > لم يعد يدهشنا في الموت حتى تلك الأرقام الخرافية. > هؤلاء أغلبهم سوف يكون من سوريا وليبيا والعراق التى تعاني شعوبها من الصراعات والخلافات والحروبات والحكومات. > مؤسف أن يكون هناك سودانيون ضمن أولئك الذين اختاروا الهجرة الى اوروبا ولو كان ثمنها «أرواحهم». > وكأن غياهب البحر أرحم من هذا الذي نحن فيه الآن. > قطوعات في الكهرباء. > هبوط في سعر الجنيه السوداني. > ارتفاع سعر السكر. > وإغلاق جامعات إلى أجل غير مسمى. > الأخطر من هذا أننا أصبحنا مع تلك المصائب لا نتوقف كثيراً عند اولئك الذين ابتلعهم البحر في طريق هجرتهم الى اوروبا.