اسماء محمد جمعة : جيب المواطن
في مثل هذا الوقت من العام الماضي كانت الحكومة تناور المواطن بزيادة تعرفة المياه والكهرباء، وظل المواطن المرهق بأعباء المعيشة – أصلاً- قلقاً تجاه هذه الزيادات وليس هناك من يدافع عنه، فالبرلمان مع كل ما تقوله الحكومة، الكهرباء والمياه لا يتوفران بشكل ثابت طول أيام السنة وخاصة في الصيف، ورغم ذلك تصر أن تتحدث عن الزيادة ولكنها لم تنفذها في ذلك الوقت، لأنها كانت تتوجس من أن تكون ردة الفعل عنيفة تشبه تلك التي حدثت في سبتمبر2013، ولأن هناك سيناريو آخر لزيادة سعر الغاز كانت تجهز له ثم قدمته مع نهاية العام 2015 استمر حتى بداية 2016 لينتهي بعرض مثير تضاعف فيه سعر الأنبوبة.
في منتصف شهر فبراير الماضي وافق أعضاء المؤتمر الوطني بتشريعي الخرطوم بزيادة تعرفة المياه100%، حدث هذا بعد إجازة الموازنة والتي قالت الحكومة إنها لن تحمل أي زيادات في تعرفة الكهرباء والمياه.
أول أمس وزير الموارد المائية والري والكهرباء معتز موسى، شكا أمام البرلمان من ارتفاع تكاليف إنتاج الكهرباء وخدماتها لاستيعاب الزيادة المتنامية في الطلب، وقال: هذا الأمر هو أكبر التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار، وأن التعرفة الحالية تؤدي لإضعاف مقدرة قطاع الكهرباء وعدم إيفائه بمتطلبات التشغيل والصيانة، لم يطالب الوزير بالزيادة ولكن يبدو أنه يقدم سيناريو الزيادة، يبدأ بالشكوى وبعدها مناقشة في البرلمان وبعد أيام سيتم إعلانها رسمياً، وبذلك سيكون هذا العام قد شهد زيادة في الغاز والكهرباء والمياه، هذا غير السلع الضرورية الأخرى.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا، لماذا دائماً تفكِّر الحكومة في حل مشاكلها وعجزها وفشلها من جيب المواطن؟، حتى وأن كان هو المستهلك، فخدمات الكهرباء والمياه يمكن تحسينها من موارد أخرى ولها حلول غير جيب المواطن ؟.
الوزير عزا ارتفاع تكاليف الإنتاج إلى ارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار، هذا الارتفاع له منطق اقتصادي يبرره حدث نتيجة لسياسات الحكومة، فبدلاً من أن تعالجها حتى لا يصبح الأمر دوامة من الأعباء يتحملها المواطن وحده، بالرغم من أن وزارة الكهرباء لديها الكثير من الحلول غير الزيادات، وهي حلول منطقية وعملية منها: خفض الانفاق على موظفيها وشراء أجهزة تشغيل جيدة وبمواصفات عالية حتى لا تشكو من الأعطال المستمرة والصيانة، ويمكنها أن تستفيد من ميزات كثيرة يتمتع بها السودان في حل قضايا الطاقة.
تعرفة الكهرباء في السودان تعتبر من أغلى الأسعار في المنطقة الأفريقية والدول المجاورة، التردي الذي تعنيه هذه الخدمة المهمة يؤثر على كثير من جوانب الحياة الاقتصادية للمواطن، فكثير من الأعمال تعتمد على الكهرباء وعدم استقرارها يكلفه الكثير.
زيادة تعرفة الكهرباء قادمة لا محالة وأن صمت عليها المواطن.