تحقيقات وتقارير

بعد الملاحظات الرئاسية حولها المادة (25).. هل نقض البرلمان غزله ؟!

ظلت المادة 25 من قانون الشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد مثار جدل بين البرلمان ورئاسة الجمهورية إذ إن القانون الذي بدأ رحلة تشريعه من وزارة العدل وتم ضبطه وموائمته ودفع به لمجلس الوزراء الذي درجه وأجازه وصدره للبرلمان عبر كبري النيل الأبيض ليعمل فيه البرلمان مباضع جراحية ويجيزه ومن ثم يدفع به لرئيس الجمهورية، للتوقيع عليه ليكون ساريا منذ لحظة التوقيع عليه غير أن القانون توقف هنا عندما لاحظ رئيس الجمهورية أن نص المادة (25) والذي يقول “على الرغم من أي نص قانون آخر لا يتمتع أي شخص بأي حصانة في أي إجراءات تحقيق تتخذ بواسطة المفوضية” ربما سيكون خصما على القانون وليس إضافة له، فالقانون بشكله هذا يجرد الجميع من الحصانات الممنوحة لهم، الأمر الذي جعله يعيد القانون للبرلمان مع طلب بمعالجة أمر المادة آنفة الذكر مصحوبا بملاحظاته التي أبداها عليها.

رفض ابتدائي

وبحسب لائحة البرلمان فإن ما يدفع به رئيس الجمهورية من ملاحظات للبرلمان يتم دراسته بواسطة لجنة مختصة يكونها رئيس البرلمان وتقدم تقريرا للمجلس أما أن يتم على ضوئه قبول مقترحات رئيس الجمهورية دون تعديل أو جرح أو يتم رفضها كلية، وذلك عينه ما تم في حالة إعادة قانون الشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد إذ تكونت اللجنة برئاسة نائب رئيس البرلمان بدرية سليمان، وعقدت اللجنة عددا من الاجتماعات وخلصت من خلال اجتماع تم قبل أسبوع إلى رفض ما جاء من رئيس الجمهورية، بعد أن اخضع المقترح للتصويت وصوت على رفضه أغلبية الحضور وكانت نسبة رفض مقترح رئيس الجمهورية نحو 90% من الحضور والذي كان أكثر من النصاب القانوني وبذلك تكون أعمال اللجنة قد انتهت ولم يبق لها غير صياغة البيان الختامي وعرضه على البرلمان، ويؤكد عضو اللجنة عضو البرلمان المستقل د. عبد الجليل عجبين في حديثه لـ(الصيحة) أن الاجتماع إلى رفض مقترحات رئيس الجمهورية، كان مكتمل النصاب وآخذ لكل الصيغ القانونية وبالتالي فإنه لم يكن هناك داع لمعاودة الاجتماع من جديد، مشيرا إلى أنه فوجئ بانعقاد اجتماع جديد أمس الأول وتم فيه إعادة مناقشة أمر المقترحات التي تم رفضها، مشيرا إلى أن عددا من الذين لم يحضروا الاجتماع السابق طالبوا بمناقشة المقترحات وتم لهم ذلك والغيت نتيجة التصويت السابقة ليخضع المقترح للتدوين من جيد وتتم الموافقة عليه.

مهلة شهر

ويعترض عضو اللجنة عضو البرلمان الطاهر حسن عبود في حديثه لـ(الصيحة) على أن اللجنة رضخت لمقترح رئيس الجمهورية، مبينا أن اللجنة لم ترضخ لمقترح إلغاء المادة وابقت على المادة 25 مع بعض التعديلات التي توائم بين المقترح المقدم من رئيس الجمهورية، والنص الذي اعتمده البرلمان موضحا أن اللجنة الطارئة المكلفة بدراسة المقترحات استخدمت كل صلاحياتها التشريعية وابقت على المادة مثار الجدل بعد ادخال تعديلات عليها تستوعب ملاحظات رئيس الجمهورية، مبينا أن اللجنة منحت من يتم استدعاؤه للتحقيق بواسطة مفوضية الشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد مهلة شهر ليقوم فيها بتوفير المعلومات المطلوبة وأن يتم القبض عليه أن لم يلتزم بعد نهاية الشهر، مبينا أن مهلة الشهر تمنح له لتحضير المستندات المطلوبة في القضية، لافتا إلى أن منح مهلة الشهر يبعد الأمر من الكيديات الشخصية التي يمكن أن تحدث من خلال استغلال النص الحالي.

استحالة

عضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر لا يرى ضررا أن يعيد رئيس الجمهورية للبرمان تشريعا ويؤكد في حديثه لـ(الصيحة) أن نظام الحكم المتبع في السودان يتيح لرئيس الجمهورية الحق في التدخل ومراجعة عمل السلطة التشريعية، مشيرا إلى أن البرلمان لو أنه سن تشريعا يستحيل تنفيذه مثلا فإن السلطة التنفيذية ستعيده له لمراجعته وقال “إذا عملنا تشريع السلطة التنفيذية ما حا تقدر تنفذو عاملنوا ليه؟” مؤكدا أن التشريعات تسن لتنفذ، مبينا أن اللجنة الطارئة لم توافق على مقترح رئيس الجمهورية، كما أنها لم ترفضه ولكنها عدلت المقترح بمواد يتوائم ما بين التشريع وما بين ملاحظات رئيس الجمهورية مشيرا أي أن الموائمة بين المقترحات والخروج بتشريعات ترضي الجانبين هو صميم عمل البرلمان.

إقناع وثغرات

أمين يرى إجمالا أن البرلمان ليس عليه أن يعمل على فرض تشريعات على السلطة يكون في إنفاذها إضعافا للسلطة أو ثغرات ضخمة أو هناك استحالة في تنفيذها مبينا أن العمل التنفيذي والسلطة التنفيذية يحتاج بالطبع إلى تشريعات تقود إلى تقويته وتمتينه، مبينا أن السلطة التنفيذية متى ما أقنعت البرلمان بأن هناك تشريعا يجب تعديله ينحاز البرلمان لذلك ويعمل على تعديله.

مقترح رئاسي

وربما كانت الحالة الماثلة أمام الجميع والمتعلقة بالمقترحات التي ارسلها رئيس الجمهورية للبرلمان حول قانون الشفافية ومكافحة الفساد مدعاة لعدد من الناس أن يولوا أن ادخال التعديل على مقترح رئيس الجمهورية، نفسه يخالف الدستور واللائحة التي تلزم البرلمان بالموافقة الكلية على المقترحات أو رفضها كلية لكن أمين حسن عمر في حديثه لـ(الصيحة) يقول إن رئيس الجمهورية أوضح أن المادة (25) بشكلها الحالي تستعرض آمال السلطة التنفيذية لتعطيل كبير وستجعل كثيرا من الموظفين يخافون من العواقب القانونية ولا يستطيعون أداء وظائفهم المطلوب منهم أدائها مطالبا بإعادة التوازن للمادة لكي لا تكون سببا في تعويق العمل، وأكد أن البرلمان فعل ذلك تحديدا بموائمته بين المقترحين ولم يخالف الدستور.

الصيحة