تحقيقات وتقارير

السخرية من البرلمان .. مرامي نيران صديقة

لم يقف البرلمان عند الممارسة الرقابية والتشريعية التي يتطلع بها كجهة نيابية رقابية على الجهاز التنفيذي بل حاقت به السخرية التي دبجها به النواب ما جعلته يقع في المواجهة مباشرة يتحسس مواقع النيران الصديقة وأصبح بعض نوابه يسيئون إليه ويسخرون منه قبل أن يشرعوا في إسراج خيولهم لتطأ حوافرها هيبته دون وجيع ,وسبق أن أبدى النائب البرلماني أبو القاسم برطم سخريته من البرلمان حينما دفع بمطالبته للنواب بتقديم استقالاتهم من البرلمان عشية تراجع بعض النواب عن توقيعات لسحب الثقة من وزير المالية لأن البرلمان, وحسب برطم أصبح لاقيمة له, وبالأمس مضى النائب البرلماني عن الدائرة (7) عد الفرسان محمد طاهر عسيل أبعد من مسلك برطم الذي خطه للسخرية من البرلمان إثر انتقادت حادة صوبها عسيل لنواب رئيس البرلمان ورؤساء لجانه ووصفهم ب»الكمبارس» قبل أن يقطع بعدم وجود البرلمان أصلاً وعدم استطاعته تغيير الأوضاع المزرية التي يعيشها المواطن وجعله مكاناً للتسلية, وقال: ( قاعد نجي نتسلى ونتفرج ونرجع ) السؤال الذي يفرض نفسه هل المؤسسة التي تنوب عن نواب الشعب هي كما وصفها النواب المنتمون إليها؟

*برلمان فاقد للهيبة:
النائب البرلماني أحمد الطيب المكابرابي عن دوائر الحزب الاتحادي الأصل لم يبتعد عن مرامي النيران الصديقة التي صوبها زميله «عسيل « على قبة البرلمان بدقة , وقبل أن يشرع في تشريح الأزمة حمل هو الآخر معوله وسعى إلى هدم جدار الثقة الذي يفصل النواب عن إدارة البرلمان بحسب رؤيته التي يكمنها في اللوائح الداخلية المنظمة للعمل بالنسبة للنواب والمتعلقة بالمخصصات الخاصة بهم والمعاملة غير الكريمة من قبل إدارة البرلمان حيالهم كأنهم «طلبة في داخلية» تجعلهم يصابون من الغبن من البرلمان, ويضيف المكابربي عبر تصريح لـ(آخر لحظة) بأن البرلمان لم يكن مشرفاً حيال عدم معالجته بحكمة للعديد من القضايا المعيشية الهامة والقوانيين التي مررت عبره دون تمحيص كافي, مستشهداً بتمرير البرلمان للموازنة العامة والتي بحسب المكابرابي انهارت بعد مضي شهر واحد فقط, وقبل أن يبصم المكابرابي بأن البرلمان فقد هيبته ما جعله يأخذ شكل المؤسسسات لكن بصورة هزلية, مشيراً إلى وجود إرادة وطنية حقيقية لبعض النواب يريدون إنزالها أرض الواقع خدمة لناخبيهم عبر ممارستهم لدور نيابي فعال.

* طموح النواب:
وبالمقابل ينظر النائب البرلماني عمر دياب إلى أمر تندر وسخرية النواب من البرلمان من خلال النصف الآخر من الكوب ويشير إلى أن هنالك حالة من الطموح الزائد التي ينجرف وراءها بعض النواب وعند اصطدام طموحاتهم بصخرة اللوائح المنظمة لعمل البرلمان ينفك البعض منهم لتصويب سهام نقده وإطلاق سخريته وتندره حيال البرلمان ككل . وفي ذات السياق اعتبر رئيس منظمة الشفافية السودانية د.الطيب مختار أن التعبير بالسخرية للنواب حيال البرلمان يأتي في سياق ممارسة الشفافية وتابع بأن هذا مرده الى ان البرلمان أضحى اليوم بعيداً عن تحمل هموم ناخبيه و بات لايقوى على الدفاع عن نفسه حينما تنازل عن أدواره للجهاز التنفيذي مرتضياً بأن يكون فاقداً للصلاحيات مقراً في ذات الوقت بأن سخرية النواب من البرلمان تؤكد دون شك بأن هنالك علة أصابت الجهاز التشريعي في مقتل بمصداقية و»شهد شاهد من أهلها»

*خلل داخلي:
لكن المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د.راشد التجاني دعا الى وجوب وجود آليات داخلية تعالج علاقة النواب بالبرلمان قبل أن يشير إلى أن الخلل بالبرلمان يكمن في النظام الإداري الداخلي المسير لدولاب العمل داخل قبة البرلمان لأنه وبحسب راشد ما كان له أن يستوعب كافة الآراء بداخله مما يستدعي بعض النواب إلى التعبير عن رؤاهم خارج القبة, ويجزم بانها نوع من ممارسة الشفافية وإن اندرجت ضمن سياق المناكفات والسخرية.
ولكن بعض المراقبين يرون أن الإساءة والتقليل من المجلس الوطني الذي بمثل صوت الشعب ولسانه الذي يخاطب به الحكومة ستفقده المصداقية وعدم الثقة في أداء رسالته ودوره.

تقرير:أيمن المدو
صحيفة آخر لحظة