قطوعات المياه والكهرباء تنتظم بصورة أكبر مع تكدس في طلمبات الوقود.. الغرفة التجارية تصر على وجود مخزون يكفي لأربعين يوماً لكنها عاجزة عن احتواء الأزمة
المعاناة تتجدد كل يوم.. نهارات الخرطوم الرمضانية على حرارتها يتمدد فيها ثالوث الأزمة انقطاع المياه والكهرباء وانعدام للمواصلات بسبب، أزمة يقف حيالها المواطن في حيرة.. المعاناة تتلمسها في وجوه الناس في الشارع، وقد أرهقهم حمل الأواني نهارا لجلب الماء وكذا الليل.. والانتظار بالساعات لقدوم المركبات لتقلهم من وإلى منازلهم واماكن عملهم.
الملاحظ أن تلك الشكاوى لا تقابلها الجهات الحكومية المسؤولة إلا بمزيد من التبريرات، (نعم هنالك أزمة)، وهو ما جاء على لسان والي الولاية عبد الرحيم محمد حسين بأن هنالك أزمة في المياه في أحياء كبيرة بالخرطوم وأزمة في المواصلات، ولكن ثم ماذا بعد؟ وكيف هو الحل؟.. لم يجب الوالي.
الخرطوم التي تحمل بين ظهرانيها ما يقارب (9) ملايين شخص، على موعد مع تجدد الأزمة المركبة، فكأن سكان الفتيحاب بأم درمان يختبرون الشارع، إذ خرجوا نهار أمس الثلاثاء، وأغلقوا شارع المواصلات الرئيس المؤدي من وإلى الشقلة، احتجاجا على انعدام المياه منذ شهر أو يزيد، وبلوغ الأمر ذروته خلال الأيام الأربعة الماضية، بانعدام المياه تماما عن معظم المربعات من بينها مربعات (6، 7، 12) والقشلاق بالفتيحاب والمربعات وأحياء كبيرة من الصالحة الحال لا يقل سوءا بالنسبة لسكان أمبدة السبيل، أمبدة الحارة السابعة شمال، إذ أن انقطاع المياه قارب الشهر وأحيانا تأتي عند الساعة 3 صباحا، كما قال كثير من المواطنين، أحياء واسعة في الخطوم هي الأخرى تعايش الأزمة، فشكوى سكان مربعات وأحياء جبرة، دخلت شهرها الثاني بلا مجيب لهم، يقاسمهم في أزمة المياه المعدومة سكان الكلاكلة، الحاج يوسف، أبو آدم، وحتى أحياء الخرطوم 2 وأركويت بوصفها من أحياء الدرجة الأولى، وغيرها من المناطق المتفرقة بالولاية.
وكذا الحال مع أزمة الوقود، التي تفجرت خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتطاولت الصفوف أمام محطات الوقود، فلم يجد الكثير من أصحاب المركبات سوى الانتظار لساعات للظفر ببعض “تانكر” سيارة، الأزمة تجلت أكثر، وبانت أنها حقيقة وإن سعت الجهات الحكومية للتقليل منها أو تكذيبها، في غياب أصحاب مركبات المواصلات العامة وتمنعهم من دخول المواقف لنقل الناس، بحجة انتظارهم لساعات طوال في الحصول على الجازولين والبنزين، وفوق هذا تعرضهم لحملات متكررة من شرطة المرور، ومعاقبتهم بقطع إيصالات مخالفات مرورية متعددة، ما يضطرهم لرفع تكلفة نقل الركاب بما يخالف السعر الرسمي، فينعكس الوضع كله سخطاً وانتظاراً للمواطنين في مواقف المواصلات بالخرطوم وأم درمان وبحري، ويتسبب غياب المركبات في إحداث شلل تام في نقل الرُكاب.
ورغم أن أزمة الوقود في ولاية الخرطوم، شارفت على يومها الرابع، ما أدى إلى خلق أزمة حادة في المواصلات العامة وتكدس مئات السيارات في صفوف طويلة أمام مداخل محطات الوقود في عدد من مناطق الولاية في أوقات مختلفة من اليوم، ورغم أن صفوف السيارات المنتظرة أمام بعض محطات الوقود، أغلقت طرقا رئيسة شرقي الخرطوم، إلا أن الغرفة التجارية بولاية الخرطوم دحضت حدوث أزمة أو شح في الوقود خاصة سلعة البنزين، وقال الأمين العام للغرفة يس حميدة إن المخزون الموجود يفي حاجة الولاية لأربعين يوما قادمة، الرجل وصف الأمر كله بأنه (حالة هلع) ومحض (شائعات)، رغم اعترافه بوجود تكدس في بعض محطات الخدمة، والتي أرجعها إلى محاولة مضاعفة المواطنين لحصصهم اليومية في عملية الشراء، وأن من كان يشتري وقودا بـ(50) جنيها لليوم تحول للشراء بقيمة 100 جنيه خوفا من النفاد.
الأمين العام للغرفة، لفت إلى أن توقف بعض المركبات عن العمل خلال رمضان أدى لخفض عدد من المحطات لحصتها اليومية ما جعل المواطنين يعتقدون أن هناك أزمة، وسرت شائعات قوية خلال اليومين الماضيين عن نقص حاد في الوقود ما دفع العديد من المواطنين اللجوء للتخزين خاصة الجازولين الذي يستخدم للمركبات العامة والنقل. وترافقت أزمة الوقود وانعدام المواصلات العامة مع زيادة قيمة تعرفة المواصلات، بعدد من خطوط النقل في الخرطوم. وأبدى المواطنون استياءهم من تكرار انقطاع خدملات المياه والكهرباء عن أجزاء من ولاية الخرطوم في اليوم الأول لشهر رمضان رغم وعد الحكومة باستقرار الخدمة خلال الشهر الكريم.
وقبل أن ينقشع صدى تصريحات معتز موسى وزير الموارد المائية والكهرباء بإعلانه استقرار الإمداد الكهربائي في رمضان، صعقت قطاعات واسعة من المواطنين بضعف مقاومة كهرباء معتز في أن تفي بالمهمة، اذ شهدت مناطق متفرقة من الخرطوم انقطاعا للتيار الكهربائي، رغم الوعد الحكومي بأنه لا قطوعات مبرمجة، ما جعل الأمر مثار سخرية وتندر في مواقع التواصل الاجتماعي وعلق أحدهم قائلا: “كان احسن لما الكهرباء كانت مبرمجة، الآن إيدك في قلبك ممكن تقطع في أي وقت”.
وزارة معتز موسى سارعت لإيجاد المبررات، والدفاع عن نفسها أمام سيل الاتهامات لها في توفير إمداد كهربائي مستقر في رمضان، حيث أرجع محمد عبد الرحيم جاويش المتحدث الرسمي باسم الكهرباء والموارد المائية قطوعات التيار عن عدد من مناطق ولاية الخرطوم خلال اليومين الماضيين إلى موجة الغبار والأتربة التي ضربت العاصمة، وقال إنه لا صلة للقطوعات بالبرمجة التي انتهت لتجاوزهم مسألة السحب من بحيرة سد مروي والروصيرص تحسبا لتأخر فصل الخريف، ونبه إلى أن سياسة الترشيد التي اتبعت في السابق جزء من عملية البرمجة والصيانة، وأعلن عن مجموعة من المحطات الإسعافية من المتوقع أن تدخل العمل خلال الأسبوع المقبل.
الخرطوم – سلمى معروف
صحيفة اليوم التالي