محمد عبد الماجد

(التيمم في حضرة النيلين)


لم يجد والي ولاية الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين حرجاً في أن يقول في إفطاره الذي أقامه في منزله للصحافيين أمس الأول، أن هناك مشكلة مياه حقيقية في الخرطوم!!.  وهل كان يظنها عبد الرحيم (أزمة مفتعلة) كما ظلت توّسم كل الأزمات التي تشهدها البلاد بأنها (أزمات مفتعلة)؟.  حدث ذلك في الغاز والوقود والخبز والسكر (بقت يعني على الموية) ؟..  هذا تقدم واضح في سياسة حكومة الخرطوم أن تقول إن هناك أزمة (مياه) حقيقية.  لا أعرف إن كان الصحافيين الذين لبوا دعوة والي ولاية الخرطوم تيمموا لصلاة المغرب كما يتيممون في منازلهم، أم أن الماء كان حاضراً في بيت الوالي؟.  مشاركة الوالي للمواطنين في (قطوعات المياه) يمثل الحد الأدنى من الإحساس بالمشكلة.  هذا أقل ما يمكن أن يقدمه الوالي ، طالما عجزت حكومته في الولاية أن تحل أزمة المياه في العاصمة القومية، وحكومته ترفع شعار صيف بدون قطوعات في المياه.  يحدث ذلك في عاصمة يحيط بها (النيل) من كل اتجاهاتها ويلتقي فيها النيل الأزرق بالنيل الأبيض بما يسمى (مقرن النيلين) في مشهد طبيعي وسياحي لا يحدث إلا في الخرطوم.  هل يجوز (التيمم) في عاصمة يلتقي فيها النيلين وتفيض فيها الأنهار حد أن السلطات تدعو الى (توخي الحيطة والحذر)؟. (2)  والي الخرطوم في إفطاره هذا أعلن عن تأييده لفكرة إنشاء عاصمة جديدة أسوة بعدد من الدول.  إن كان (العطش) يحاصر المواطنين في ولاية الخرطوم والنيل على بعد أمتار منهم ..كيف سوف يكون الحال عندما يبعدون أميالاً عن مقرن النيلين؟.  نقلوا المواقف من وسط الخرطوم. > ورحلوا (المستشفيات) من المركز الى الأطراف.  وبدأت خطة إستراتيجية لترحيل الوزارات من شارع النيل. > ثم بدأ التفكير جهرا ًفي نقل العاصمة نفسها عن الخرطوم.  لم يتبقَ لنا شيئاً. (3)  كل الأزمات التي تحدث في الولايات، يقوم الوالي الحالي بتحميل ذنبها لحكومة الولاية السابقة.  وكأن الحكومات السابقة للولايات كانت من الهند او ماليزيا او من الحزب الشيوعي السوداني.  قال عبدالرحيم محمد حسين : (نحن لا نبرر للقصور. وعندما تسلمنا وجدنا أن الحكومات السابقة كانت تعتمد على مياه الآبار كمصادر بنسبة 56 % وعلى مصادر مياه النيل بنسبة 44 %).  أكيد عبدالرحيم محمد حسين لا يقصد بالحكومات السابقة حكومة الصادق المهدي، لأن حكومته تحكم منذ أكثر من ربع قرن. (4)  في جانب آخر قال والي ولاية الخرطوم في نفس الإفطار : (شركات النظافة المحلية غير مؤهلة وهمها جمع المال وليس جمع النفايات).  هل هناك كارثة أكبر من هذا الوصف لشركات النظافة؟ .. الحكومة نفسها تشهد بأن هذه الشركات همها جمع المال وليس جمع النفايات!!. > هذا القول يمكن أن نقبل به من مراقب او كاتب صحافي او ناقد اجتماعي . لكن أن يصدر من جهة تنفيذية ورقابية، تبقى الكارثة أكبر.  من حق تلك الشركات وهي قطاع خاص أن يكون همها الأول جمع المال ، هذا شيء مشروع وأمر طبيعي ، ودور الحكومة والسلطة يظهر هنا في أن تعمل وتجعل (جمع النفايات) هو الهم الأول ، يفترض أن تقوّم بهذا الأمر وهي تطلع يدها عليه.  ذلك الأمر يأتي بالرقابة والمحاسبة والمتابعة . فليكن هم هذه الشركات هو جمع المال ، أين دور السلطة هنا.. وهي تجبر مواطنيها على دفع تلك الرسوم؟.  وضعت القوانين واللوائح من أجل التنظيم والتعديل والتهذيب. (5)  أما الكارثة الكبرى فهو ما دعا له وزير الإعلام بالولاية محمد يوسف الدقير حينما طالب من الصحافيين بعدم وصف شعار (صيف بلا قطوعات) بالفاشل.  بماذا نسمي هذا الشعار؟.  سوف نترك الخيار لوزير الإعلام بالولاية إن وجد وصف أقل حدة من (الفاشل) للشعار المرفوع (صيف بلا قطوعات)! سوف نعلن إن الله أنعم علينا بـ (متنبئ) آخر ، وأن بين ظهرانينا في هذا العصر الحديث (ابوالطيب أحمد المتنبئ) جديد.  لا يوجد معنى للفشل غير الفشل.