اسماء محمد جمعة : العنف في الجامعات الحل من الخارج
العنف في أي مجتمع لا ينبع من فراغ ولابد من أسباب تغذيه أغلب تلك الأسباب لها علاقة بعدم الاستقرار السياسي، وأغلب الدول التي ينتشر فيها العنف تعاني منه.
خلال الـ27 سنة الماضية سياسة حكومة الإنقاذ ورطت السودان في عدم استقرار سياسي حاد أدى إلى انتشار العنف بصورة غير مسبوقة في المجتمع، وحتى بعد أن أصبح العنف واحد من الأزمات الاجتماية والسياسية التي تعصف بأمن المجتمع لم تتخذ سياسات جادة لتقضي عليه، بل تركته للظروف والصدف..
الجامعات واحدة من المؤسسات الحساسة جداً والتي استوطن فيها العنف وأبى أن يغادرها، فكل الظروف التي تحيط بها تغذيه وتمنحه القوة ليستمر حتى خرج الأمر عن حدود السيطرة وأصبح يعصف باستقرار كل الجامعات الحكومية وبعض من الخاصة، وأصبحت الدولة تتكبد الكثير من الخسائر المادية والبشرية.
كل المساعي التي قدمت عبارة عن دراسات وأوراق عمل أوصت بالكثير الذي يسهم في استقرار الجامعات والذي يعتقدون أن من شأنه أن يوقف العنف، أي نعم تلك التوصيات تساعد في استقرار الجامعات، ولكنها لن توقف العنف، لأن أسبابه تأتي من خارج الجامعات، الآن الحكومة -وبعد أن حار بيها الدليل- قررت إنشاء ما يسمى بشرطة الجامعات، أي أنها تعالج الخطأ بخطأ أفدح منه، وهو حل لا يعدو كونه عبء جديد يلقى على عاتق الشرطة، والحكومة بهذا القرار تخطئ كعادتها وتكلف نفسها جهد ومال وزمن لن تجني من خلفهم الراحة..
قالت وزارة الداخلية إن إنشاء شرطة تأمين الجامعات الهدف منه حماية الأرواح والـممتلكات بصورة مهنية واحترافية بما يتوافق ويتسق مع واجبات الشُرطة المنصوص عليها قانونًا وليس لها دور سياسي، ونسيت أن العنف –أيضاً- أصبح يمارس بطريقة احترافية، وأي كان الوضع فإن وجود شرطة بالجامعات أمر سيكون له ردود فعله المختلفة التي لن تتوقعها الشرطة نفسها .
الجامعات لا تعيش بمعزل عن الواقع العام للمجتمع وتتأثر بكل ما يدور فيه سلباً وإيجاباً، ولذلك استقرارها مرتبط ارتباطاً وثيقاً باستقرار المجتمع كله، فعندما يعيش المجتمع في سلام وتتمتع الدولة بوضع سياسي ديمقراطي يتم فيه تبادل سلمي للسلطة ويملك مؤسسات فاعلة يحدث الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ولا شك أن هذا سينعكس على سلوك الناس عموماً وسيصبحون قادرون على التفاعل مع بعضهم البعض دون أي تجاوزات مخلة.
مشكلة العنف في الجامعات لن تحل بمعزل عن الوضع العام الذي يعيشه السودان، وبدلاً من الحلول الجزئية التي تقوم بها الحكومة الأفضل لها أن تحل أزمة السودان العامة حتى يدخل السلام إلى الجامعات من الخارج، كما دخلها العنف، ومن دون ذلك لن ينتهي العنف لا في الجامعات ولا في مؤسسات المجتمع الأخرى.