مؤمن الغالي : ضياء .. تلك أيام لا أعادها الله يايوسف 3
ويمر أمام عيوننا ذاك الشريط الملئ بالأحداث الجسام.. والمواقف المخيفة.. “وضياء الدين” يبدأ الأسئلة بعد أن يغمسها في “الشطة” ويعود بنا الزمان وضياء.. و “رامبو” إلى تلك الأيام المفزعة ونتذكر في رعب مقدمة “فيلم” المشرفون على الموت وهم يحيينكم وكان يمكن أن نمر على ذاك الشريط الذي عشناه لحظة بلحظة كان يمكن أن نمر عليه كتذكارات مؤلمة وذكرى حزينة.. لولا أن سعادة اللواء “م” العميد نائب والي الخرطوم آنذاك مازال متحسراً بل حزيناً على أن “الانقاذ” التي وطدت دعائمها و “دق” أوتاد خيمتها أبعدته من المناصب المؤثرة حتى قال الرجل في حسرة وحزن وأسى إنه الآن فقط مسؤول عن الحوار المجتمعي في “بحري” .. نعم كنا نستمع له ونسترجع بل نحس بطعم تلك الأيام التي كان فيها الرجل محور الخرطوم الولاية قاطبة ولكن لأن الرجل مازال متطلعاً أن يظل يصنع “التاريخ” في الانقاذ نجد لزاماً علينا أن نعود به إلى تلك الأيام ونوضح له أن تلك الأيام لن تعود وإن الذي صنعه لن يصنع مثقال ذرة من خردلة في الوطن اليوم حتى لو صار والياً على الخرطوم وليس نائباً للوالي.
نأتي إلى الأحداث حدثاً حدثاً.. ليس من واقع معايشتنا لها بل فقط من أحشاء إجاباته في تلك المقابلة النادرة مع حبيبنا ضياء وعبر الشاشة.
ولكن لابد من كلمات تقال.. وتحديداً وخصوصاً إلى كل الذين كان ميلادهم في تلك الأيام من عمر الانقاذ.. هم الآن في الخامسة والسادسة والسابعة والعشرين من أعمارهم وذلك يعني أن هؤلاء “المحظوظين” لم يشاهدوا بل لم يعيشوا أو يدركوا أو يتذكروا حدثاً واحداً من تلك الأحداث التي جرت في تلك الأيام .. ونبدأ.
“تهب ثورة الانقاذ” كما كان يردد غناءً في تلك الأيام “ترباس” ويأتي “الأخوان” أو “الثوار” بأحلام شاهقة وفي يقينهم إن هذا الوطن يجب أن يهدم ويبنى من جديد… وكانت الخطة أن يبدأ الأخوان بزراعة أكبر قدر من الخوف والفزع في نفوس المواطنين.. وسيادة العميد يوسف قد قام بالمهمة وأنجز المهام على أكمل وجه.
جاء “الأخوان” بعد أن أجهزوا على نظام ديمقراطي كانوا شركاء فيه بل كانوا يجلسون تحت قبة تشريعه جنباً إلى جنب مع أركان الحكومة فانقضوا على النظام ولأنها “ثورة” فقد صدروا البلاد وكأنها تعي قدراً كبيراً من الفوضى فكان لابد من ردع وكان لابد من هدم الذي هو كائن ولابد من تنظيف الأرض بل حرقها تمهيداً للزراعة وهنا تبدت جسارة ومهارة العميدة يوسف وهو يبني يميناً ويهدم شمالاً.. وينثر ظلاله على الأسواق والتجار.. وينذر ويحذر.. يذهب إلى الربع الخالي وتلال الملح ومضارب تميم ويعود لنا بتلك الصيحة التي لن ينساها له الناس ومن أراد أن تثكله أمه فليقفل متجره.. والأحد نبدأ.