يا بت يا سليمة
الأستاذة العزيزة/ داليا الياس.. رمضان كريم
لك التحية والاحترام وأرجو أن تعيريني مساحتك اليوم لطرح موضوع حساس ومهم..
(كل بنت تولد سليمة.. دعوا كل بنت تنمو سليمة)
العبارات أعلاه للإعلان الشهير عبر القنوات التلفزيونية يجري على لسان مجموعة من الشخصيات المعروفة منها فضيلة الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري.
الكاروري فقيه متمكن في علم التأصيل، وهو علم باختصار شديد يختص بإيجاد حادثة أو موقف أو نص أو تلميح أو قياس في القرون المفضلة مشابه لحادثة أو قضية في أي عهد حديث، مشاركة الشيخ بهذا الإعلان ناتجة عن موقف للشيخ وكثيرين بمنع الختان وهو موقف صحيح وسأبين من خلال المقال الأسباب ووجهات النظر الأخرى والحلول.
أولا: دعونا نتفق أن ختان الإناث موجود في الدين وليس ثمة أدنى شك في ذلك، وهو على نوعين: الختان الشرعي والختان الفرعوني.
ثانيا: عادات الناس جزء أصيل من الدين ولذلك تجد في كثير من كتب الفقه ما يسمى بباب العادات مثلا.
الحديث الصحيح الوحيد الذي يثبت وجوب الختان لمن قالوا بوجوبه هو قوله (صلى الله عليه وسلم): “إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل” وقال معارضوهم في الرأي إن كلمة الختانان هنا مثل كلمة (الأبوان) والأبوان تشمل الأب والأم فالكلمة لا تدل على أن هنالك أبوين بالمعنى الحرفي للكلمة وكذلك ليس بالضرورة أن تكون كلمة (الختانان) تعني أن كلا الطرفين مختون، ولكن هنالك رواية لمسلم تقول: “ومس الختان الختان” وهذا أقوى دليل مر عليّ.
من أين جاء تقسيم الختان إلى مشروع سني وفرعوني؟ في حديث آخر ضعيف عند البعض وحسن عن بعض آخر قال صلى الله عليه وسلم: “أشمي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج” وأشمي مأخوذة من إشمام الرائحة أي الاكتفاء بأخذ أدنى شيء وتنهكي من الإنهاك، والفرعوني فيه أشد الإنهاك.
هنالك من قال بوجوب الختان.. وهنالك من قال بأنه مكرمة للنساء فقط.. وهنالك إجماع من كل علماء الدنيا أن الختان ليس بمحظور ولا بحرام، إذن من ختن بناته الختان المشروع الذي ليس به إنهاك كالفرعوني فلا جناح عليه ولم يقترف عملا محرما.
إذاً، كيف للكاروري أن يتبنى فكرة منع الختان ويترك الإناث سليمات؟
شيخنا الجليل يؤمن بأن الفتاوى تتغير مع الزمان والمكان والأحوال وأن من الثوابت أنه لا ضرر ولا ضرار ومتى ما أثبتت الدراسات العلمية المحايدة حدوث أضرار من الختان وجب منعه، وقد يقال إن الأضرار ليست من الختان الشرعي ولكن التشريعات تصدر تبعا لحاجة القاعدة العريضة من الناس، وإذا ثبت أن هنالك ضررا على الأكثرية فلا حرج في المنع، وهذا ما ذهب إليه شيخنا أطال الله عمره، وهو على حق، والمنادون بمشروعية ختان السنة على حق أيضا.
إذاً، هنالك اتفاق على أن الختان الفرعوني محرم وجريمة وقبيح. وختان الإناث في السودان لم تتراجع نسبته أبدا وقد عرفت أثناء البحث أن الختان الفرعوني نفسه نوعان: الأول فيه قليل من الإنهاك وهو يحرم المرأة من حقها كزوجة تماما والثاني فيه من الإنهاك أشده فيحرمها من حقها ويشوهها، وهنالك علاقة وطيدة بين استهلاك المخدرات والختان الفرعوني والمصائب تجر بعضها بعضا. كيف تتراجع نسبة الختان الفرعوني وهناك ولاية من ولايات السودان معروفة ولا أحتاج إلى الإشارة اليها بأي إشارة، هذه الولاية عدم ختان الإناث فيها حرام وعيب وكبيرة من الكبائر؟!!!.. وتربط الإناث بعد عملية الختان فيها كالأنعام غير أن الفرق أن البنت تكون مخضوبة بالحناء.
الختان الفرعوني لن يتوقف بالإعلانات ولا باجتهاد المنظمات التطوعية والصحية مهما اجتهدت لأنها عادة متجذرة وثابتة كالدولة العميقة ومربوطة عند الناس بالأخلاق والعفة والشرف وأنسب الحلول لمعضلة بهذه الكيفية هو التدرج..
أولا إن كان لابد من الختان فتشجيع الختان المشروع واجب وذلك بفتح مراكز تسمى بمراكز ختان الإناث أو وحدات داخل المراكز الصحية والمستشفيات تسمى بوحدات ختان الإناث تقوم عليها كوادر مؤهلة مدربة على الختان السني المشروع.
ثانيا: الاستفادة من حملات تطعيم الأطفال في تفقد حالات الختان الشاذ والمرفوض بالتوعية داخل المنازل خاصة وأن من يقمن بحملات التطعيم من النساء.
ثالثا: توجه الخاتنات باستخدام أساليب حديثة في الختان (على الأقل مخدر).
رابعا: إن كان قانون الطفل يتدخل في أخص خصوصيات الأسرة والطفل، فما المانع من سن تشريعات تحرم الختان الفرعوني بنوعيه أو ربط القبول بالمدارس بعدم ختان الإناث ختانا فرعونيا، وليس في الأمر أي حرج، فكما يبحث لك عن أي جريمة تتصل بالأخلاق والشرف عند تقدمك لأي وظيفة يبحث في أمر الختان الفرعوني.
أخيرا أتمنى أن أكون قد وفقت في طرق الموضوع بصورة كافية وهي رسالة لأخواتي لأنهن أمهات المستقبل والسكوت عن أمور يدعى أنها (حساسة) مثل هذه الأمور قد يودي بحياة أختك أو ابنتك أو جارتك، صحيح قد لا يتغير الحال بين ليلة وضحاها ولكن الأمر يتطلب القتال والتصميم، فعلى كل أنثى أن تطرق الموضوع في بيتها ومع جيرانها وأترابها، النقاش يبذر بذرة قد تنمو يوما ما.
(كل حب في الورى نبع خيالي)
* المستعين بالله محمد حمد
كلية الصيدلة
جامعة النيلين.
* تلويح:
شكرا جميلا مستعين.. نعول عليكم كجيل واع ومستنير.. وليتها تنمو سليمة وكريمة.
مقال رائع فيه تحليل اروع وحل مقبول جداً فلك الشكر
https://drive.google.com/file/d/0B4p65-ZJjUeibEcydlNYOF9CRGs/view
ختان الإناث والحلقة المفقودة