في حرب اليمن
> بإعلان دولة الإمارات العربية المتحدة أن الحرب في اليمن بالنسبة إليها قد انتهت، تكون المنطقة قد دخلت مرحلة جديدة، وهناك تطورات قادمة ستقود حتماً إلى تسوية ما في الملف اليمني وملفات أخرى. فالأحداث في هذا الجزء من العالم حلقات متداخلة وسلسل بعضها من بعض، فالوضع اليمني وكيفية تسويته وإنهاء توتراته له علاقة مباشرة بالوضع في سوريا والعراق وليبيا، ولا يمكن فصل ما يجري في أقنية السياسة العربية وتقلباتها وأطوراها عن طبيعة المشكلات والأزمات نفسها، فالعالم العربي لايزال تحت التجريب، وهناك عملية جرد حساب تتم بعد مائة عام على الاتفاقية التي قسَّمت الوطن العربي وحددت حدوده وزرعت دولة الكيان الصهيوني في المنطقة. > ويبدو أن التحالف العربي لمواجة الحوثيين في اليمن في طريقه إلى الإنزواء إذا كانت الأسباب التي دعت الإمارات إلى سحب جيشها من اليمن، هي الأسباب غير المعلنة، لأن الأوضاع عملياً في اليمن ولم تستقر، فالأهداف التي أعلن عنها غداة إطلاق عملية (عاصفة الحزم)، لم يتحقق جُلها، فالعاصمة اليمنية لاتزال في يد الحوثيين وخطر الوجود والتدخل الإيراني لايزال قائماً، فمع أن المسار السياسي ماضٍ في مفاوضات ومحادثات الكويت، إلا أن نتائجه المباشرة لم تحسم بعد ، ولا يعتقد أنه في القريب العاجل سيعلن المبعوث الأممي لليمن وصول الأطراف المتصارعة إلى نهائي يضع عجلات اليمن على سكة الخلاص من الحرب والمواجهات. > فإعلان الإمارات من طرف واحد إنهاء مشاركتها في الحرب، ربما يكون دليلاً بالفعل على أن ما تم التوافق عليه قبيل بدء الحرب ضد الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قد تقدمت خطوات للأمام ولم تعد الحرب تجدي في هذه الحالة، ولكن قيادة هذا التحالف لم تعلن الأمر نفسه، في قت أشارت فيه أطراف يمنية ليست مع الحوثيين، أن هناك محاولات لتسوية ما، لحل الأزمة اليمنية، من بينها خروج السعودية والإمارات وبقية دول التحالف من الحرب ووقف القتال، مقابل وقف أي تهديد يمثله الحوثيون على المملكة العربية السعودية وتقليل التدخلات الإيرانية في المنطقة، وفي مقدمتها دول الخليج العربي. > وليس هناك من شكوك في أن قوة الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح قد تراجعت إلى حد بعيد وليس في مصلحتهم مواصلة القتال، ولم تعد هناك جدوى من الحرب الطويلة التي استنزفت مواردهم بعد سيطرة قوات التحالف على الأجواء ومنعها أي إمدادات خارجية عبر بالبحر بالعتاد الحربي والسلاح، ونجحت الحرب في دفع الحوثيين إلى طاولة المفاوضات في الكويت، ولم يعد هناك خوف خليجي من أن يكون الحوثيون جزءاً من تركيبة الحكم في التسوية السياسية القادمة، الأمر الذي ترفضه بعض الجماعات اليمنية المناهضة لهم.. > فاذا لم تكُ هناك أية خلافات أو تباينات في المواقف والتقديرات بين دول التحالف في توقيت وقف الحرب أو الانسحاب الفردي منها، فإن موقفنا نحن في السودان يحتاج إلى حكمة في التعامل مع معطيات الواقع الجديد، فلاتزال قواتنا هناك على الأرض، ولدينا التزام قوي ومُعلن ومُشرِّف من الأزمة اليمنية، بدعمنا ووقفتنا مع الشعب اليمني الشقيق في محنته، وكذلك التزامنا بالمشاركة في حماية أراضي المملكة العربية السعودية والمقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما جاء في بيان القوات المسلحة يوم أعلنت دخولنا ضمن عاصفة الحزم. > إذا كانت الحرب توشك أن تنتهي في إطار التسوية السياسة الجارية، فإن التفاهم بين دول التحالف ضروري للغاية، لأن اليمن سيحتاج إلى وقت طويل جدا لاستعادة عافيته والخروج من مرحلة الخطر. فالحوثيون لم يفقدوا كل قوتهم ولا علي عبد الله صالح، كما أن الحكومة اليمنية الشرعية لاتزال في طور التضميد لجراحها العميقة وفي حاجة لوقت ليس بالقصير لبناء مؤسسات الدولة من جديد حتى في الأراضي المحررة التي تسيطر عليها. > تيرمومتر الحالة اليمنية لا يبشر بخير حتى اللحظة، فما لم تسوَ الملفات الأخرى في سوريا والعراق وليبيا، والتي تمت فيها جرجرة دول عربية كثيرة ومنها الخليج إلى بؤرتها وأزماتها، لن يكون هناك هدوء كامل كما هو متوقع..