شمائل النور : فقه استقالة.!
قبل يومين، تقدم حاكم طوكيو باستقالته، لم يجد السيد يويتشي ماسوزوي أمامه إلا الاستقالة؛ بعد ما حاصره الإعلام من جهة؛ والبرلمان من جهة أخرى. حاكم طوكيو استغل منصبه واستخدم أموالاً رسمية لأغراض شخصية، وسبق الحاكم إجراءات برلمانية بحجب الثقة عنه، وقبل أن يصوت البرلمان تقدم باستقالته، وجاءت الاستقالة بعد أن تقدم باعتذاره الذي لم يكن مقبولاً، فما كان أمامه إلا أن يلحق الاعتذار بالاستقالة فوراً، حيث الاعتذار لا يفيد..الوكالة الفرنسية نشرت صورة لحاكم طوكيو وهو ينحني قبل أن يتلو خطاب استقالته، الصورة لوحدها تحكي لنا حكاية كاملة.
عام 2008م، حاصر الإعلام حاكم نيويورك، اليوت سبيترز الملقب بـ (سيد نظيف)، وقف أمام الصحفيين وقدم اعتذاره وتأسف على تخييبه آمال شعبه وأنه لم يكن على قدر المسؤولية؛ إذ قال: ” لا يمكنني أن أسمح لإخفاقاتي الشخصية أن تعطل عمل الناس”. إليوت تقدم باستقالته على خلفية تورطه في قضية دعارة، وقبل أن يكتمل اللقاء كان الرجل خارج دائرة المسؤولية. الحاكم أجرى مكالمة هاتفية تم التنصت عليها وتسجيلها، كان يُرتب للقاء إحدى المومسات في أحد الفنادق.. صحيفة (نيويورك بوست) نشرت وقتها أن الرجل أنفق نحو(80) ألف دولار على بنات الهوى؛ ذلك على مدى عشر سنوات.
نعم، هو الدور الطبيعي للإعلام أن يقف حارساً لحقوق الشعب، بل يقف حارساً حتى لهيبة الدولة التي تتطلع السلطة لفرضها بقوة السلاح، فهيبة الدولة تتجلى حينما يرفع الظلم وتسود العدالة ويحاسب مرتكبو الجرائم بدلاً من ترقيتهم في المناصب وتوفير الحماية والحصانة لهم، وكذا هيبة الدولة تتجلى في تنحي المسؤولين الذين هم ليسوا على قدر المسؤولية. قبل خسمة أعوام، حينما تفجرت أزمة مياه بري على خلفية احتجاجات على انقطاع المياه لأيام، وباتت قضية المياه القضية الأولى في الإعلام، وطالب بعضهم مدير هيئة المياه بالاستقالة، كان رده أن شبه الاستقالة في هذا التوقيت بالتولي يوم الزحف، وهو لا يمكن أن يولي. حينما انهار حائط مدرسة في صفوف المتقدمين لحج 2013م بمدينة القضارف ولقي في الحادثة(12) شخصاً مصرعهم، طالب تشريعي القضارف وزير الإرشاد بالاستقالة على خلفية هذه الحادثة، الوزير رفض الاستقالة – كالعادة – فقط، لأن الاستقالة أدب غربي وهو يعتنق (الإسلام السياسي).
اللافت في الأمر، أن استقالة المسؤولين إن أخفقوا أو حققوا إشراقات، تبدو نادرة أو منعدمة تماماً، وإن تقدم أحدهم باستقالته يواجه بضغوط ضرورة الإثناء عن قرار الاستقالة. عام 2012م، تقدم وزير الصناعة السابق عبد الوهاب عثمان باستقالته في حالة نادرة. استقالة الوزير جاءت على خلفية فضيحة افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض، لكن الذي حدث أن ا رُفضت استقالة الوزير، ليس لشيء سوى أن ثقافة السلطة لا تُفضّل أن تمنح منسوبيها شرف الاستقالة – إن وجدت – بل تفضّل الإقالة.