عمر العمر : حوار مع أنصار الإصلاح
> سلبية المؤتمر الحاكم إزاء مذكرة الـ52) لا تتطلب قدحاً ذهنياً بغية الفهم .إدارة أحزاب المعارضة ظهرها للمبادرة ممارسة تفتقد الموضوعية.. صمت المثقفين المنشغلين بالشأن العام عصي على الاستيعاب. استبداد الإحباط بالمبادرين ينطوي على قدر من شح الأناة .المذكرة تستوجب جدلاً على نطاق عريض في ظل الجمود المطبق على المشهد السياسي . المبادرة تتيح فرصة لتحريك الساكن من الزاوية النظرية في حدها الأدنى. من الممكن استنفار الأطراف المعنية في حوار مفتوح في شأن الإصلاح الوطني لجهة تأسيس برنامج عمل مشترك. موت المبادرة الفجائي يؤكد مجدداً أننا لا نجيد إتقان لعبة الحوار . > المذكرة لم تستهدف فقط تفريغ شحنة انفعال وطني من قبل المبادرين.. مضمونها قصد إخراج كلام كثير متداول في المجالس والمنتديات الى العلن على نحو مبلور. الجدل المرتجى يفتح الأفق أمام بناء مرتكز اصطفاف شعبي واسع من أجل سودان أفضل .المبتدرون انطلقوا من قناعات مشتركة بفقدان الثقة في سعي المحاور السياسية من أجل إيجاد حلول جذرية عاجلة لقضايا الشعب المكدسة. الهدف الأسمى يتجسد في إعادة تأسيس علاقات أمثل بين الشعب والسلطة . الإصلاح يمثل أحد أبرز بنود تسوية الأزمة السودانية المركبة. > المبادرة تنطلق من الثوابت الوطنية وتستلهم مقاصد الآخرين بما في ذلك الحفاظ على الدولة. أصحاب المذكرة لا يقفون في مواجهة النظام بل في مقابلته .هم لا يلقون الكرة في ملعب الدولة, بل في ملاعب الجميع. من هنا يبدو الصمت ضموراً في الاستيعاب وقصوراً في الرؤى . > تجاهل أهل السلطة المتعمد يصدر عن عقلية تنظر إلى أي حديث عن الإصلاح تهديداً مباشراً للمكاسب. هم يلبسون موقفهم ثوب الحفاظ على الاستقرار. السلطة في قناعات هؤلاء ملك حزبي لا مجال للتفريط فيه.. هي نظرة الاستئثار الجشع . الخوف الكامن هنا من نتائج الإصلاح قابل للتبرير. هذه عملية تستقصد تعزيز دور المجتمع المدني, بالإضافة إلى تفعيل المشاركة في مؤسسات الدولة والرقابة الشعبية .ربما لم يعد في صفوف المؤتمر الحاكم من يلوح بشعار الإصلاح حالياً .الغالبية الباقية ترى في المذكرة إملاءات وأخطار.. البعض يحاجج بنصب طاولة حوار عملاقة مما ينفي قبول فتح جبهة حوار أخرى .هؤلاء لم يدركوا موت المسألة بوفاة الترابي. ألم نقل كما انفرطت الحركة الشعبية وتبدد حلم السودان الجديد برحيل غرنغ يتذاوب المؤتمر الشعبي وتتلاشى مسألة الحوار الوطني مع غياب الترابي .بين الموقعين شخصيات يفرض جهدهم الوطني الاحترام عوضاً عن التجاهل المتعمد .العاقل من يفوز برضاء هؤلاء إن لم يستهدف استمالتهم . > من حق المؤتمر ألا يصدر بيانا برفض المذكرة أو قبولها إذا كفلنا الحق نفسه لأحزاب المعارضة . بعض يرى في المبادرة خروجاً عن المؤسسية . عدد من القيادين يمنحون الالتزام الحزبي أولوية قصوى. الجدل مفتوح على الترجيح بين الحزبي والوطني.. دون التوغل في مثل هذا الاشتباك أو المساس بالمؤسسية يظل الحوار أكثر جدوى من الصمت. لا وجه للمقارنة بين الحياة والموت. في القضايا الوطنية لا مجال للتعالي بقدر ما هناك مساحة لنكران الذات .هكذا يصبح تقليل مساهمات الغير ضرب من الغرور الزائف. > المبادرة ليست وثيقة زاهية متكاملة. ربما تبدو نقطة انطلاق المبادرين مبهمة. لحظة انكشاف المذكرة اكتنفها الغموض المريب .هي كذلك تأتي في غياب بؤرة وطنية متماسكة البناء والرؤية تعبر عن الآمال الشعبية. محاور المعارضة عاجزة عن بناء آليات للنهوض بتطلعاتها. ثمة قناعة واسعة التداول وسط المعارضة بإخفاق أية محاولة للتغيير مجردة من الضغوط .هذه قضية قفزت عليها المبادرة عمدا. المبتدرون يتحركون على خارطة الواقع. المذكرة محاولة لكسر انغلاق السلطة وفتح أبوابها أمام رياح التغيير السلمي. هي كذلك محاولة لجمع أشتات المعارضة. ألا يشكل الحوار العلني الواسع في شأن الإصلاح في حد ذاته إنجازا في ظل الظروف الراهنة.؟ فتح أقنية الحوار لا يغلق بالضرورة الأفق في وجه جبهات العمل المغايرة. على نقيض ذلك من الممكن تكريسه جبهة متقدمة معززة إن لم تصبح بديلة . > سقوط المجموعة في فخاخ الإحباط لا يوافق روح المبادرين. بين الكوكبة عقليات نيرة وعيون شاخصة وقامات ذات رصيد وحنكة في العمل العام. مثل هؤلاء لا يتوقعون قبولاً حسنا ميسراً. الاعتدال النابع من الواقع ليس مبرراً للانكسار في الحراك السياسي. الرفض المعلب أكثر وفرة من الاستبصار الذكي .لذلك جاءت معظم ردود الأفعال سالبة .الاستسلام ليس من مكونات الطامحين في إحداث التحولات الكبرى. قوة الكلام من قوة المتحدثين. هناك إقصاء مكرس لا ينبغي مقابلته بإقصاء طوعي . > أما طاف بخلد المبادرين أكثر من مثبط إبان الإعداد.؟ وصول المذكرة الى القيادات العليا لا يعني بلوغ المراد. من غير المستبعد عند تمام اللقاء المفقود تعرض المجموعة إلى تأنيب بحجة تسريب المذكرة إلى الإعلام. مصير المبادرة عندئذ الإحالة إلى المستودع .ربما يقارع البعض العنوان الأفضل هو الشارع وليس القصر.