شـــــن الســــلام
> ردود الأفعال وصدى إيجابي في الداخل والخارج لقرار السيد رئيس الجمهورية بوقف إطلاق النار لمدة أربعة أشهر في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، تمهيدا ًللحوار ومنح الحركات خاصة قطاع الشمال فرصة للانضمام الى قطار السلام الحوار الوطني ، وليس هناك فرصة لأي اتجاه آخر تبدو متاحة بالنسبة لمن يحملون السلاح غير اللحاق بالمسيرة السلمية في البلاد وحل كل القضايا الخلافية عبر التفاوض والحوار ، وبما تشهده الساحة من تطورات وجهود متلاحقة من الوسطاء في أديس أبابا والدوحة، فإن الجمعية العمومية للحوار الوطني قد تشهد انعطافاً إيجابياً هائلاً إذا ما وقعت الحركات وبقية مكونات المعارضة على خارطة الطريق في ختام اجتماعاتها التي انطلقت بالعاصمة الإثيوبية . > توقيت قرار الرئيس جاء في وقت محسوب بدقة ، وهو أفضل بادرة تقدمها الحكومة لمن يرغب في السلام ، فبالتزامن مع انعقاد اجتماعات الحركات والمعارضة التي دعا لها المبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث ، وزيارة الرئيس الى دولة قطر التي تولي الوساطة في قضية دارفور ، جاء قرار وقف إطلاق النار كمبادرة من الخرطوم وأبداء حُسن نية ومد اليد بيضاء من غير سوء حتى يوفر مناخ مواتٍ وملائم للحل السياسي ، وهي إشارة ذات معنى ومغزى واضح مؤداه أن الحلول السياسية يجب أن تكون مقدمة دائماً على الحل العسكري واستخدام القوة لتحقيق الهدف السياسي . > وأكثر من مرة تمت الإشارة هنا إلى التحولات الكبيرة في البيئة الإقليمية والدولية التي تجعل من الصعب الاستمرار في الحرب والنزاع المسلح ، لم يعد هناك من يؤيد المضي في هذا الاتجاه، فالخيارات ضئيلة بالنسبة للمعارضة والحركات وقطاع الشمال ، ليس هناك في الإقليم من يحرص على صب مزيد من الزيت على نار الصراعات في السودان ، لما يعانيه الإقليم من توترات وتمزق وجروح عميقة ذات كلفة عالية ، ويضاف الى ذلك الحالة الراهنة في العالم التي تراجع فيها لاهتمام بالشأن السوداني الى أدنى مستوى له ، وستكون الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر القادم وما تشهده دول الاتحاد الأوروبي من مشكلات تتعلق بوحدة الاتحاد بالقارة العجوز ، مدعاة أكبر للمعارضة السودانية والمجموعات المتمردة أن تقرأ الراهن جيداً وتتعامل بواقعية أكبر لتتخذ القرار الصائب في الوقت المناسب قبل فوات الأوان . > فقيمة هذا القرار الرئاسي بوقف إطلاق النار لمدة أربعة أشهر ، إنه جعل الحكومة في موضع وموقف سياسي مريح ، وأظهرها أكثر إيجابية ومرونة ، وقدمت مشهيات للحركات المتمردة بأن توقع على خارطة الطريق الموضوعة أمامها على طاولة الاجتماعات بأديس أبابا بحضور الوساطة الإفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي والمبعوث الأمريكي ومسؤولين غربيين آخرين . فكون الحكومة تبادر بنفسها وهي ممسكة بزمام المبادرة السياسية والعسكرية ، وتقوم بهذه الخطوة المربكة لحسابات قطاع الشمال وحلفائه ، لهي خطوة جيدة ومحفز حقيقي يمكن أن يقود الى محطة أخرى من محطات السلام .. فهل ستتعامل الحركات وقطاع الشمال بذات المستوى من الوعي والإدراك بأهمية قرار وقف إطلاق النار وتوقيته الذي صدر فيه .. > من خلال بيان قطاع الشمال الصادر أمس، رداً على قرار الرئيس ، فبدون النظر في نوع ومدى التزيد السياسي الوارد فيه ، نستطيع القول إنه لا خلاف جوهري ملموس حول وقف إطلاق النار للمدة التي حددها قرار الرئيس ، وهناك رغبة مشتركة من القطاع يتبادلها مع الحكومة في مثل هذا الإجراء ، لكن في فهمنا البسيط فإن قطاع الشمال يكابر وهو يعلم إنها السانحة المناسبة التي تلوح أمامه للوصول الى حل ، ربما سيكون مأزقه هو كيفية التعامل مع خارطة الطريق والانضمام للحوار وإخراج هذه الخطوة للعلن ، وبينما تجلس الحكومة على الضفة الأخرى تنتظر حصاد قرارها، فهي قامت بعملية دفع إيجابية لاجتماعات أديس أبابا وأعطت الوسطاء ورقة قوية في أيديهم للضغط على المتمردين والمعارضين للموافقة والتوقيع على خارطة الطريق .. > على كل حال ، يتشكل واقع سياسي جديد في البلاد ، ملامحه إيجابية خلاقة ، ستنتج أوضاعا ًأكثر تفاؤلا ًلو جاء الجميع الى طاولة الحوار وتم إلقاء السلاح ، وعم السلام والاطمئنان أرجاء البلاد واتجه كل السودانيين الى النهضة والبناء والتصالح..