ثمار الصبر
* لم يكن بمقدور المعارضين أن يتجاهلوا القرار الذي أصدره البشير، وقضى بإيقاف إطلاق النار لمدة أربعة أشهر، تقبل التمديد.
* توقيت القرار جاء محسوباً بدقة، لأنه استبق اجتماعات أديس، ولأن الحكومة قصدت أن تقدم به إشعار حسن نوايا للمعارضين وحملة السلاح، قبل أن يلتئم شملهم في العاصمة الإثيوبية.
* حتى إذا تجاوزنا المظهر إلى المخبر، فسنجد أن القرار حمل جملة من الإشارات الإيجابية، يفيد أدناها أن السلام بات الخيار الغالب، إن لم يكن الأوحد، وأن الحرب ما عادت تحظى بأي قبول، حتى عند الطرف الذي يمتلك تفوقاً عسكرياً ملموساً على الأرض.
* انتهى أوان الحرب، وآن لعصافير السلام أن تحلق وتغرد في المنطقتين ودارفور، بعد أن دفع أهلها الثمن غالياً على حساب دمائهم واستقرارهم وأمنهم ومستقبل أبنائهم.
* السلام أو السلام، ذلك هو الخيار الأوحد لكل أهل السودان، والسياسيون بمختلف أطيافهم مطالبون بأن يستوعبوا تلك الحقيقة جيداً، ويضعوا الخيار المذكور نصب عيونهم، ويعملوا على ترسيخ مفاهيم ومبادئ وأسس العمل السياسي السلمي، ويعلوا من شأن أي اتفاق يعيد السيوف إلى أغمادها، ويوقف لعلعة الرصاص في مناطق الالتهاب، مع الاعتراف بأن السودان كله، شارك في سداد فاتورة حرب عبثية، أهلكت الحرث والنسل، وقضت على مقدرات الوطن، ودمرت اقتصاده، وأهلكت شبابه، ورملت نساءه، وتخطى خطرها الحاضر ليهدد المستقبل.
* لم تعد بضاعة الحرب الكاسدة تحظى بمن يروج لها، حتى داخل حدود الإقليم، بعد أن التهم حريق الربيع العربي خيمة القذافي، وقضى على أحلامه المجنونة، وتعمقت معاناة الحركات المسلحة بخروج تشاد من حسبة الحواضن، واندلاع حرب الجنوب التي دمرت آخر ملاذ آمن للحركات.
* قبل يومين أصدر المؤتمر الوطني بياناً، قال فيه إن اللحظة حانت لقطف ثمار الصبر الطويل بتحقيق الوئام الوطني، داعياً الحركات إلى الارتفاع لمستوى المسؤولية والتخلي عن أجندتها الصغيرة.
* الدعوة قيمة وتستحق الإجابة حتى من صاحبها.
* إذا كان المؤتمر الوطني يريد من الآخرين أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية فعليه أن يضرب لهم المثل بنفسه، ويبدأ بها، ويتخذ منها قدوة لسواه.
* لا يليق بمن يدعو إلى السلام، ويعتبر الوصول إلى تسوية شاملة عماد برنامج عمله السياسي أن يكبت حريات الآخرين، ويستمر في مصادرة الصحف، لأن مثل تلك الأفعال تطعن في جدية طرحه، وتشكك الآخرين في مصداقيته، وتجعلهم يشتطون في مطالبهم.
* تلك الأفعال يمكن أن تحسب من ضمن (الأجندة الصغيرة) أيضاً، لأن بلوغ شاطئ الأمان السياسي، ووقف الحرب، وإقناع الفرقاء والخصوم باعتماد أسلوب العمل السياسي السلمي يتطلب من صاحب الشأن أن يبدأ بنفسه، ويقلص تدخلاته السالبة في الساحة السياسية إلى الحد الأدنى.
* بالتخلي عن الأجندة الصغيرة تعلو مصلحة الوطن العليا.
* المؤتمر الوطني معني بدعوته، ومطالب بأن يطبقها على نفسه، قبل أن يطالب بها الآخرين.