شمائل النور : حَماقة..!
جنوب السودان لم يحتفل بأعياد الاستقلال، شح المال وقف حائلاً، وبحسب “سكاي نيوز” فإن الاحتفالات تكلف نحو مليوني دولار، وخزينة الدولة لا تملك هذا المبلغ أو أن لها أولويات أهم من الاحتفال بأعياد الاستقلال. الوضع في جنوب السودان بلغ مرحلة إلغاء أهم الأعياد على الإطلاق، وهذا وضعٌ يستحق إعلان الطوارئ. ثم قبل أن يفيق الناس من صدمة فراغ الخزينة من نحو مليوني دولار، تنفجر الأوضَاع في مدينة واو، والآلاف ينزحون ويتشردون تزامناً مع ذكرى الاستقلال الذي وصل إليه مُواطنو جنوب السودان بنسبة 99% أثارت الكثير من الجدل. اتفاقيات سلام مُتعثرة، تنهار قبل أن يجف حبر كتابتها. منتصف العام الماضي صدر تقرير أممي: “نحو ربع مليون طفل في جنوب السودان مُعرضون لخطر كبير بسبب تدهور الأمن الغذائي وسوء التغذية” هذا بحسب تقرير صادر عن منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة، التقرير أضاف أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد في جنوب السودان قد زاد منذ بداية العام 2015م من نحو 5.2 ملايين شخص إلى ما يقدر بنحو 6.4 ملايين شخص بما في ذلك ما يقرب من 874 ألف طفل دون سن الخامسة. وأضافت اليونسيف أن هذا هو أكبر عدد من الأُسر في أزمة أو في حالة طوارئ تصل إلى هذا المُستوى من انعدام الأمن الغذائي منذ بداية الحرب الأهلية في جنوب السودان.
ما يُحير فعلاً، أن النخبة في دولة جنوب السودان الوليدة تلقت أكبر قدر من الخبرة والدروس والعبر التي تكفيها لقيادة دولة، على أقل تقدير، حفظ الأمن وتوفير الحد الأدنى من التوافق السياسي الذي يُهيئ جنوب السودان ليلحق باقي الدول، وكانت أمام هذه النخبة فرصة تاريخية للقفز فوق القبلية والغبائن الشخصية نحو الفضاء الوطني الخالص، لكنهم أبوا وتجبروا وأصروا أن يعيدوا إنتاج ذات التجربة التي قادتهم إلى الانفصال وإعلان دولة جديدة، تعجز الآن عن توفير مبلغ لصرفه في احتفالات الاستقلال.
هذا الشعب الذي يُشرد وينزح صباح كل يوم، هل ذنبه أن اختار أن يستقل بدولته؟ فلماذا تُعاد عليه ذات التجارب اللعينة كل يوم.. القتال لأجل السلطة بينما آلاف المواطنين ينظرون إلى هناك، يبحثون عن وضع إنساني طبيعي بل يبحثون عن أمن قبل كل شئ، لماذا تضطر الشعوب لدفع ثمن حماقات حكامها.