يوم (الرسوب) الجماعي.!
لم اشعر ان الفنان الكبير عثمان حسين غادر هذه الفانية، الا بعد ان استمعت امس لمصطفى السني في قناة الشروق وهو يؤدي اغنية (خاطرك الغالي)، والتى اجاد وابداع مصطفى في (تشويهها) حتى صارت غير قابلة للإستهلاك (المزاجي)، بينما لمحت سخطاً واضحاً على ملامح بعض افراد الفرقة الموسيقية والذين تأثروا جداً بالاداء (المأساوي) لتلك الاغنية التى رسخت في وجدان السودانيين قبيل ان تطالها حنجرة ود السني ليجعلها (تشكك) وجدان السودانيين بدلاً من (تشكيلها).!
ولأن المصائب لاتأتي فراداً، شهد برنامج (اغاني واغاني) امس رسوباً آخراً لعدد من الفنانين في مقدمتهم هاني عابدين والذى لم انجح امس في معرفة تلك الاغنية التى كان يؤديها وذلك بسبب عدم وضوح مخارج حروفه، بينما اصابنا حسين الصادق في مقتل وهو يردد اغنية خاتم المنى والتى احالها الى (حطام اغنية) وذلك بسبب اداءه الباهت لها.
نعم، يوم امس كان يوماً للرسوب الجماعي للعديد من الفنانين في الفضائيات المختلفة، وذلك بسبب غياب الوعي الكافي عنهم، اضافة الى عدم ادراكهم لحجم مقدراتهم وامكانياتهم الحقيقية والتى لاتتناسب مع بعض الاغنيات الكبيرة، و(مجازفة) بعضهم بادائها على حساب اسمه وسمعته من اجل الظهور و(الشو) وحسب.
صدقوني، الفنانين الشباب في هذه البلاد اصبحوا في حوجة ماسة لـ(كورسات توعية) تهدف الى تعريفهم بمقدراتهم الحقيقية، وذلك بعد ان اصبح بعضهم كل صباح يسهم في (تمزيق) وجدان السودانيين اثر تأديته لأغنية اكبر منه بكثير، ذلك الشئ الذى يجعله عرضة للسخرية والتندر بينما يعرض الاغنية نفسها الى التشويه والتخريب.
السر قدور نفسه ليس بمنآى عن مايحدث ويدور داخل برنامجه، فأشاداته (الهائلة) بكل الفنانين ربما تعتبر سبباً رئيسياً في (تمرد) بعض الفنانين على امكانياتهم (المتواضعة)، واختيارهم لترديد الاغنيات الكبيرة واصرارهم على تقديمها دون ان يرتجف لهم جفن (رهبة)، وكل ذلك بسبب الطمأنينة والسكينة التى يبعثها قدور في دواخلهم عقب (تمزيقهم) لتلك الاغنيات، ومنحهم وسام (الجدارة) الذى لايستحقونه ومفردات (الغزل) التى لاتتناسب على الاطلاق مع ادائهم (القبيح) و(المقزز).
نعم، بعض الفنانين يصرون -مع سبق الاصرار والترصد- على انهاء مشوارهم الفني دون ان يشعروا، يساندهم في ذلك عشرات الهتيفة والمطبلاتية وحارقي البخور، والذين يصورون لهم بأنهم (سحرة) وان ادائهم لمثل تلك الاغنيات هو اضافة لتلك الاغنيات وليس لهم، تلك (المجاملات المقيتة) التى تجعل الفنان يسير وسط الناس بوزن اضافي كاذب و(يتعملق) في الوقت الذى ينظر اليه الكل كـ(قزم)، و….مااكثر الاقزام (المتعملقة) في هذه البلاد.
شربكة أخيرة:
اخاف ان يأتي علينا يوم نفقد فيه ملامح ذكرياتنا وحلاوة (عشرتنا) مع اغنيات شكلت وجداننا وتاريخنا وحياتنا، وذلك بسبب بعض (صبية الغناء) الذين يتعاملون معها بالكثير من (عدم الاحترام).