الصادق الرزيقي

بين الجيش والإعلام والصحف

> تتلازم وتترافق مسؤوليات مؤسسات الدولة واجهزة الحكم، مع الادوار البناءة والمهمة التي تلعبها أدوات العمل الإعلامي والصحفي، ولا يمكن في الدولة الحديثة فصم العلاقة الفعالة بين أجهزة الحكم والسلطة التي يمثلها الإعلام والصحافة، باعتبار أن الأخيرة توجه الرأي العام وتشكل اتجاهاته وتحدد مساراته، ونحن أحوج ما نكون إلى تعضيد وتوطيد دعائم هذه العلاقة وبلادنا تمر بمراحل انتقال حادة نتيجة لما عانته من حروب وصدامات ومؤامرات خارجية وظفت الكثير من الأزمات الداخلية. > ومن أهم الجهات التي ينبغي ان تستقيم فيها العلاقة مع الإعلام والصحافة، هي المؤسسة العسكرية، فالقوات المسلحة السودانية تعد من أفضل الجيوش في المنطقة، فقد حافظ الجيش السوداني على تماسكه منذ تأسيسه ولم ينهر كما انهارت جيوش عديدة في المنطقة، وخاض هذا الجيش حروباً طويلة تعد الأطول في قارة إفريقيا، وكان له دور بارز في أزمات إقليمية وحروب حدثت في المنطقة بغرض المساهمة في حفظ السلام ودرء المخاطر التي كانت قد أحكمت حلقاتها، وقبل ذلك يشهد التاريخ لقوة دفاع السودان وهي نواة الجيش دورها في الحرب العالمية الثانية، وقبلها يشهد لنا التاريخ أيضاً بالبطولات والانتصارات التي حققتها الأورطة السودانية التي ابتعثت للمكسيك في الحرب الاهلية التي دارت هناك في عام 1863، ولولا الاورطة السودانية لما تمكنت بريطانيا وفرنسا في ذلك الوقت من دحر التمرد الذي كاد يعصف ببلد في أمريكا الوسطى في القرن التاسع عشر الميلادي، وعجزت جيوش أقوى دولتين في العالم آنئذٍ ومعهما الولايات المتحدة الامريكية عن فعل شيء حتى جاء أولئك الشجعان من قلب السودان دفع بهم خديوي مصر لنصرة امبراطور فرنسا . > فالقوات المسلحة السودانية سليلة تاريخ عريق وماضٍ تليد لا ينكره مكابر، فلولا قوة وتماسك مؤسستنا العسكرية التي واجهت ما لن تواجهه أية جيوش في منطقتنا العربية والافريقية، لكان السودان اليوم قطع فسيفساء ممزقة ولا يوجد على الخريطة شيء اسمه السودان، أين هو الجيش الليبي الذي بناه معمر القذافي وكان من أكثر جيوش العالم تسليحاً، فليبيا صنفت في عهد القذافي بأنها أكبر مخزن للسلاح التقليدي في العالم، لقد انهار الجيش الليبي تحت ضربات الثوار الليبيين في وقت جيز لم يتجاوز بضعة أشهر، وانهار قبلها الجيش الذي بناه الامبراطور هيلاسلاسي وبعده منغستو هايلي مريام في إثيوبيا، وانهار الجيش التشادي في عهد حسين هبري، وتلاشى جيش صدام حسين في العراق، وذاب في الهواء الجيش اليوغندي في حروبات يوغندا الداخلية منذ نهاية الستينيات حتى منتصف الثمانينيات، وانهار الجيش في الكنغو الديمقراطية عندما سقط نظام موبوتو سيسيكو، كما انكسرت جيوش في الوسط والشرق الإفريقي رواندا وبورندي وافريقيا الوسطى وغيرها من البلدان الافريقية الهشة، وانهارت جيوش عديدة في غرب إفريقيا في سيراليون وساحل العاج وليبريا وغنيا الاسوائية وغينيا كوناكري وفي مالي وبوركينافاسو والنيجر، ونشهد نحن اليوم ما حدث في اليمن وسوريا وما جرى للجيوش هناك . > لو مرت أي من بلدان منطقتنا العربية بما مر به السودان، لانهارت الجيوش والعروش واحداً تلو الآخر، لكن لأن عظم الظهر في السودان قوي وصلب وهو القوات المسلحة وقف بلدنا شامخاً وعزيزاً وآمناً مطمئناً، فالمصائب والبلايا والرزايا التي واجهتنا كانت عصيبة وقاسية، فوجود مؤسسة حامية وقوية كان هو الضمان الوحيد للبقاء والوجود، فيجب أن نفخر نحن السودانيين بهذه المؤسسة التي تمثل عزتنا وكرامتنا وقوميتنا التي لم تضع وسط زحام الأحداث. > علينا في وسائل الإعلام والصحافة كما جاء على ألسنة المتحدثين في إفطار وزارة الدفاع أول من أمس الإثنين (22) رمضان 1437هـ أن نعي حقيقة واحدة فقط، هي انه لا استقرار ولا سلام إلا بقوات مسلحة قوية وقادرة على أداء دورها ومهامها وخلفها شعب مناصر يقف سنداً لها تستلهم منه الصمود والتصدي، وتقترن به في الملمات والصعاب والشدائد، وهنا يبرز دور الإعلام والصحافة، فالمفاهيم المشتركة في تأسيس علاقة تواصل وتعاضد وتعاون مستمر وإدارك ووعي بما تتطلبه المرحلة الراهنة، هي الضمان الوحيد لجعل بلادنا تخطو فوق أزماتها وتحقق غاياتها الكبار.