قصة شيخ جائع.. ماذا فعل معه صاحب البقالة السوداني؟
أحتجت لغرض فعرجت علي دكان بغطاء (مول) ، قائم بزاوية منعرج في اركويت ، حينما تقابلت والبائع كان يعيد رص مشروبات يدفع بها من داخل محتوي اكياس الي ثلاجة تزينت ببعض بقايا لبن تخثر علي مدارج زجاجها واشلاء وجبة اظنها من الافطار ! انتبه نحوي بارهاق ظاهر تعثرت معه قدرته علي رد السلام الذي اضيف اليه تحية رجل عجوز فان خرج من ناحية الباب خلفي ، كان انسانا ربما يحوز سني عمر تحاد 90 عاما كاملة ، دخل جسد قسرا في جلباب حولته عراكات الاتربة الي لون نحاسي ، كان يرتجف وهو يخرج عملات معدنية بسطها علي راحة كفة ، ناصعة البياض تلمع ، قال لي بحزم خفوت ؛ عدها ، كانت سبع ثم ثلاثة قلت هي عشرة كاملة ، قلت له والبائع يشتد انتباهه بدفق فحص من ملامح وجهه لحوارنا ، استقرت اذناه علي مضيق عيناه ، سعل العجوز حتي انه تمسك بطرف كتفي فارحت جسده علي صندوق بيبسي اقمته تحته كمقعد ، جلس يرنو للارض يلم شعث انفاسه ، يعلو جانب منه وينخفض اخر ، رفع عين فاترة البريق قال انه جوعان ويطلب رغيفة و(شقفة) طحنية وبيبسي و(موية) ! قال باسطا يده المسودة بالتعب والعلة هذا كل ما املك ، كان عزمي قد قر علي كفالة وجبته اليسيرة ، رفعت راسي اطلب البائع الذي تلاشي في شق داخل دكانه ، عاد يحمل مائدة مصغرة ، اقام لها مجلسا في زاوية امام دكانه ،دعمها باشكال من العصائر ، عبرني كأنه لا يراني ، امسك بيد العجوز في حنو ، انحني عليه يغطيه بعبارة تعال ابوي ، امسك به كأنه يدير حرزا علي روح نفسه يميط اذي العثرات من امامه وانا خلفهما اطلب حيزا في العون ولا اجده ، اجلسه والشيخ ينظر للمأدبة ويفرد يده ليري الصبي منقود عملته والصبي يزجره ان ردها الي جيبك ! الشيخ يتمنع ، اتدخل فيستطيل قبام رفضه ، وبعد رجاءات اجلسناه ، التقط لقمة ، والتقطنا من عينيه رجاء بالمشاركة ففعلنا ، لم يكثر من الاكل ، حاز لقيمات يقمن صلبه ، رفض اجابة اصرارنا علي الاستزادة ، تلفت يطلب الماء لغسل يديه فحضر الصبي يصب الماء والعجوز يجلو الزيت وعوالق اللحم والارز ، يفتح كفه ويدير مضمضة داخل شدقيه ، يفرد يده يبللهما بالماء ثم يمسح راسه ومؤخرة رقبته يمد دعاء ساخنا بلوازم الحمد ، ينهض مثل طائر يتأهب للعبور نحو السماء ، اصبعه يلامس المعدنيات ، يضحك الصبي الذي كشف الضوء ملمح لشاب جميل الطلة ، يقول بلكنة سودانية راسخة حرم يا حاج مدفوع ويدخل الي داخل دكانه ، يعبث في درج ، تلتقط يده حزمة نقد ، يقبل علي الشيخ الحائر فيما يقول ، يدس الحزمة في احد جوانب الجلباب وهو يصب زبر حديد انهاء الحديث ، يطرق العجوز ، يخرق الارض بنظرة مثل مسقط نيزك ، يجمع بقية قدرته بالكاد يمشي ، يذوب في ظلمة المنعرج ، يتمطي الصبي كأن نسمة باردة غشيته ، يقف عند مدخل متجره يده اليمني تقوم علي اول الزاوية
عينا تتبع خطي العجوز ، نظرة هي هجين من الود والمحنة ، يلتفت نحوي معتذرا قلت عاوز شنو ، اقول وقد نسيت غرضي لقد حزت ما اريد ، ومضيت وانا اكثر حرصا علي تتبع تفاصيل هذا البلد
بقلم
محمد حامد جمعة
يا استاذ أقل ما يقال عن كتاباتك أنها رائعة وسردك أروع، فخورين بك أستاذي الفاضل.
ما اروعك تجليت حتي أرى اني موجود بينهم
جزيت وكوفيت
كثيرا ما ابكتني إنسانيتك الباذخة في كتاباتك
و اليوم ايضا
سبحان الله الذي اخرج من بين الكيزان اللصوص القتلة الكذابين انسان بهذا الحس الانساني الخالص
شكرا محمد حامد جمعة
تحياتي
د.حامد برقو
أي سطر من هذا المقال يستحق ان يعلق على المكتبة.
لكن في هذا الجزء سكب الكاتب كل ما لديه :
“اقول وقد نسيت غرضي لقد حزت ما اريد ، ومضيت وانا اكثر حرصا علي تتبع تفاصيل هذا البلد”
يا اخي اقول منو فيكم الراقي صاحب الفعل الانساني ام من نقل هذه الصورة الرائعة سلمتما من كل بلاء وتقبل الله عملكما وجعله في ميزان حسناتكم
ي سلام ي اخي و الله احلي ما اعجبني الوصف في القصة و اخر كلمة في القصة ??
استقرت اذناه علي مضيق عيناه
.
ده وين
ياهو دى السودان وكفى
هذا يحدثكل يوم وفي كل مكان في السودان مت الغرابة في ذلك
هذا يحدث كل يوم وفي كل مكان في السودان ما الغرابة في ذلك
الأحداث عادية و تحدث بصورة يومية و متكررة فى اماكن متعددة – فليس فى ذلك غرابة و لا أندهاش و لاتعجب – لكن الكاتب صاغ ذلك الحدث العادى المتكرر فى قالب بلاغى و أجاد فى ذلك ..
نعم الحادثه تتعدد فى كيير من انحا السودان العامر دوما بسماحة خلق اهله…. لكن نشرها وبهذه اللغه المعبرة والمؤثره يرسخها اكثر ويزيد من تمسك الاجيال بهذه الفضائل…فلك الشكر اخى محمد حامد جمعه
الكرم الشجاعة الايثار نكران الذات التضحية المروءة العطف الحنان هي مكونات لي جينات الشعب السودان
الحمد لله ولا مزيد .
نص يجب اهدائه لكل مسئول في السودان ويجب تقديمه ملحناً في مناسبات الاحتفال بالمشروع الحضاري …حتى لا يتبجح أي مسئول بما قدم … وما خفي كان أعظم …تعالوا زوروا المستشفيات والأطفال الذين يموتون جوعا وبلسعات العقارب وحوادث السيارات وقلة الأدوية المنقذة للحياة والجثث مجهولة الهوية والذين ماتوا غرقا أثناء هروبهم من جحيم السودان في البحر الأبيض المتوسط والبحر الاحمر وصحارى العتمور وآبار الباحثين عن الذهب والذين قرروا الانتحار والذين يموتون في صمت …بؤساء فقراء ومجانين فقدوا عقولهم لصعوبة التدبير …وصور عدة للمأسي والبؤس والشقاء …أيها المسئولون افيقوا ووعوا …
ياخ انت زول كويس و مرهف ألبيلمك مع الكيزان ألقتلة ديل شنو .. انج بجلدك يا أخى حتى لا تحشر معهم