فيصل محمد صالح : سودانلاين
كان يوم الأمس 30 يونيو 2016 هو اليوم الختامي لمسيرة مؤسسة سودانية عامة رفعت اسم الوطن وحملت لواءه في كل موانئ العالم وبحاره ومحيطاته، وتدفقت خيراتها على الوطن وأبنائه بشكل عام، وعلى العاملين بها وأسرهم بشكل خاص، وهم عشرات الآلاف من الأنفس. بالأمس؛ تم تنكيس علم الخطوط البحرية السودانية، بحسب التوجيهات والقرارات الرئاسية والوزارية، تم تصفية الشركة وأيلولة ممتلكاتها وأصولها للجنة الفنية للتخلص من مرافق القطاع العام.
لم تعد هناك شركة تعرف باسم “سودان لاين”، وبحسب نفس القرارات فإن الحكومة ستنشئ شركة جديدة للنقل البحري، كيف ولماذا ومتى، لا يهم، المهم أنه وقبل إنشاء الشركة وتعيين مسؤوليها وخبرائها فقد تعاقدت الحكومة مع الشركات الصينية لشراء بواخر للشركة الجديدة.
ما يهمنا الآن هو الظلم الذي وقع على العاملين بالشركة، وبعضهم قضى عمره كله في خدمتها، حيث جاءت تقديرات مكافآت نهاية الخدمة أقل بنسبة 50% مما يستحقه العاملون، وهذه قصة طويلة.
صدر في منتصف التسعينات قرار يستثني الشركة من كثير من قوانين ولوائح الشركات الحكومية، ويطلق يد مجلس الإدارة في شأن العاملين بالشركة ووضعهم ومرتباتهم، وقد تم استغلال هذا القرار في حينه لتصفية الشركة من كثير من العاملين. المرة الوحيدة التي استخدم فيها القرار إيجابياً لصالح العاملين كان قراراً بتضمين بعض العلاوات ضمن المرتب الأساسي.
ودعنا نتحدث قليلاً عن هؤلاء العاملين، يكفي فقط أن نقول إنهم وافقوا على أن يصرفوا نصف مرتب لسنوات طويلة مقابل تمويل شراء باخرة للشركة، وفعلاً تم شراء الباخرة التي استطاعت تسديد ثمنها من عائدات التشغيل، وبأي منطق يمكن اعتبار أن الباخرة ملك للعاملين أكثر من ملكيتها للشركة.
ما حدث أن اللجنة التي قامت بتقدير استحقاقات العاملين استكثرت عليهم المبالغ المستحقة، فقامت باستصدار قرار من رئيس الجمهورية يستند إلى قرار قديم، ثم قامت بتقدير المستحقات بناء عليه، فنقصت المستحقات للنصف، علماً بأن كلفة التقديرات الأصلية أقل من عائد بيع تلك الباخرة لو تم بيعها. ولو قدرنا مستحقات العاملين بناء على أصول وممتلكات الشركة الموجودة حالياً، من بواخر ومخازن ومبانٍ وقطع أراضٍ، فإنها تساوي أقل من سدس هذه الأصول والممتلكات.
استكثرت اللجنة على العاملين ما يعطيه لهم القانون لقاء عملهم وإخلاصهم الطويل في خدمة الشركة والتضحيات التي قدموها من أجل استقرار الشركة واستمرارها، ولم يكونوا طرفاً في التدمير الممنهج للشركة وأصولها وبواخرها، بل كانوا ضحايا لكل ذلك.
قرر العاملون رفض استلام المستحقات واللجوء للمحاكم، لكن في نفس الوقت سعوا للحصول على متأخرات رواتبهم التي لا جدال أو خلاف عليها، لمقابلة التزامات العيد والمدارس، لكن على مين؟ تم الربط بين صرف المستحقات ومتأخرات الرواتب، “يا تصرف الاتنين أو تقعد في السهلة”!
الظلم ظلمات يا هؤلاء، وليت تلك اللجنة تكشف لنا مستحقات أعضائها الذين أشرفوا على التصفية، للعلم فقط والله!